قدّمت الفنانة هبة طوجي عرضًا فنيًّا مبهرًا بعنوان "حقبات"، وسط أجواء أسطورية، حيث امتزج الصوت بالضوء، والغناء بالدراما، في واحدة من أرقى ليالي مهرجانات بعلبك الدولية.
وبين الإبداع الموسيقي لأسامة الرحباني، والحضور الآسر لضيوف عالميين، ووفاء خاص لرموز الفن اللبناني، عاشت بعلبك أمسية أضاءت سماءها بالفن والجمال، ورسخت مكانتها كمنارة ثقافية على الخارطة الدولية.
أطلت هبة طوجي على جمهور مهرجانات بعلبك الدولية بمجموعة من الأعمال التي حملت بصمة فنية عالمية، إذ قدّمت أغنية "Ave Maria" من كتابة لوك بلاموندون وتأليف ريتشارد كوتشانت، وهي إحدى روائع المسرحية الغنائية الفرنسية Notre Dame De Paris التي لعبت فيها دور إسميرالدا.
وخلال الأداء، تحوّل معبد باخوس عبر تقنية 3D Mapping إلى كاتدرائية "نوتردام" في مشهدية روحية مهيبة، ذكّرت بحفل إعادة افتتاح الكاتدرائية في باريس بمشاركة طوجي.
تضمّن الحفل أغنيات متنوعة أبرزها "النظام الجديد" بتوزيع أوركسترالي مع عرض راقص، والأغنية العاطفية "خلص" التي أظهرت إحساس طوجي العميق، إضافة إلى "خبّرني القصة" التي مزجت الغناء بالكوريغرافيا المعاصرة، وأغنية "مين الّلي بيختار" الموجّهة للمرأة، وأغنية "أول ما شفتو" الإيقاعية، و"لا بداية ولا نهاية" من كلمات منصور الرحباني وألحان ميشال لوغران، والتي قُدّمت في مشهد مسرحي يحاكي إعصارًا من أوراق الشجر.
بمناسبة مئوية منصور الرحباني، قدّمت هبة طوجي ميدلي من أعماله منها: "وحياة اللي راحوا"، و"لمعت أبواق الثورة"، و"وطني بيعرفني" من مسرحية "جبران والنبي"، إضافة إلى قصيدة "راجع من رماده" التي حملت رسائل أمل لكل مغترب، مستحضرة إرثًا فنيًّا خالدًا.
وشارك في الحفل العازف والمؤلف الفرنسي اللبناني إبراهيم معلوف والمغني الفرنسي من أصل لبناني Ycare، إذ قدّما معًا أغنية Les Cedres كتحية للبنان. كما عاد معلوف في الختام ليلتحق بأسامة الرحباني في وصلة جمعت بين الدبكة والفولكلور والارتجال الموسيقي على إيقاعات الطبول الشرقية وسط تفاعل جماهيري واسع.
في لفتة مؤثرة، قدّمت هبة طوجي مع أسامة الرحباني وإبراهيم معلوف أغنية "بلا ولا شي" تكريمًا لروح زياد الرحباني، ترافق عرضها مع صور نادرة من أرشيف العائلة الرحبانية، ما أضفى على اللحظة عمقًا إنسانيًّا وفنيًّا.
عرض "حقبات" لم يكن مجرد حفل فني، بل تجربة ثقافية وتاريخية هدفت إلى إحياء ذاكرة بعلبك وإبراز غناها الحضاري بأسلوب يمزج بين الأصالة والتجديد. ويُعد هذا العمل محطة خاصة في مسيرة هبة طوجي، كونه أول ظهور لها في بعلبك، ونجاح جديد لتعاونها مع أسامة الرحباني في رفع الفن اللبناني إلى مصاف العالمية.
وشهد الحفل إقبالًا هائلًا، إذ نفدت التذاكر بعد ساعات من طرحها، ما استدعى إضافة ليلة جديدة في 9 أغسطس/آب نفدت بدورها بسرعة قياسية، مؤكدة حجم الترقب والحماس الذي رافق الحدث.
تألقت هبة بفستانين من توقيع نيكولا جبران، فيما تولى أسامة الرحباني الإنتاج الموسيقي بمساعدة جورج مرعب وأليكس ميساكيان، وجاء الحفل من إنتاج Baalbeck Festival بالتعاون مع أسامة وهبة طوجي، بدعم من Ici Beirut – This Is Beirut وCMA CGM ومؤسسة ليان الثقافية.