يفترض بعض علماء النفس أن خاصيّة الذكاء التي طورها البشر عبر ملايين السنين وميزتهم عن بقية الثدييات وجعلت أنسجة المخ تستهلك خمس الطاقة التي نحتاجها، سببها أن الدماغ يسهل الذكاء الاجتماعي ويساعدنا في العلاقات المعقدة الموجودة في جميع المجتمعات البشرية. ولذلك ارتبط تطور أدمغتنا بنظام غذائي عالي الطاقة.
لكن معظم العلماء يفترضون في المقابل أن حاجتنا إلى عقل كبير سببها أن الأدمغة الكبيرة تدعم المحادثة الذكية والتعبير الفني اللذين بدورهما يعززان الجاذبية الجنسية.
وقد بنت مجلة "سايكولوجي توداي" الأمريكية على هذه النظرية الجديدة دراسة طريفة عالجت موضوع الذكاء والعقل الكبير من زاوية أن له وظيفة جنسية يوظفها الرجل وتتعمد النساء إخفاءها للسبب ذاته.
كيف تطورت أدمغتنا؟
في عرضها لهذه الفرضية السيكولوجية؛ قدمت الدراسة سياقا تاريخيا عرضت فيه بعض السمات عن تطور الدماغ حتى وصل الى ما هو عليه الآن. فقد تطورت أدمغة البشر بعد أن غادروا الغابات واستقروا في موطن فيه الكثير من الأراضي الزراعية والقليل من الأشجار.
أدى هذا التحول إلى الابتعاد عن بعض الأطعمة الخشنة لصالح المزيد من الأطعمة الغنية بالطاقة، مثل اللحوم والأسماك والعسل.
وكانت إحدى علامات هذا التغيير الغذائي تقلص حجم العضلات والقفص الصدري، إذ لم يعد البشر بحاجة إلى الطاقة الكبيرة التي كانوا يحتاجونها لهضم الأطعمة الخشنة التي كانوا يتناولونها. وكان هناك تغيير آخر هو صغر حجم الأسنان مقارنة بالأسنان التي كانت لازمة لمضغ تلك الأطعمة، كما تقلصت كذلك القناة الهضمية. مع تقلص القناة الهضمية، كان هناك زيادة في حجم الدماغ. ويمكن تفسير ذلك بانخفاض متطلبات الطاقة لعملية الهضم؛ ما وفر المزيد من الطاقة الأيضية لوظيفة الدماغ.
بمجرد اكتشاف النار وظهور المواقد، أصبح من الممكن استهلاك الأطعمة التي كانت غير صالحة للأكل في السابق، كما أصبحت اللحوم المطهوة أكثر سهولة في الهضم.
تغيير تطوري
هناك حد لحجم الدماغ عند ولادة الأطفال. لذا فإن أدمغة البشر المعاصرين ليست أكبر بشكل ملحوظ من أدمغة الإنسان القديم، ومع ذلك، فإن تغييرا تطوريا مهما في التمثيل الغذائي للدماغ سمح له باستخدام الطاقة بسرعة أكبر؛ إذ يستخدم الدماغ أضعاف الطاقة التي تستخدمها أنسجة الجسم الأخرى.
تزامنت هذه الزيادة في التمثيل الغذائي للدماغ مع ظهور أدوات أكثر تعقيدا، مثل الأقواس والسهام وبدء الصيد، وهذا يشير إلى أن أسلافنا قد تحولوا إلى إدراك أكثر تعقيدا، وربما ساهم ذلك في ظهور اللغات المنطوقة. يشير كل جانب من جوانب حياة الإنسان العاقل إلى أن تطور نمط حياته جعل التمثيل الغذائي للدماغ يتحسن. وعلى الرغم من ذلك، يحب العديد من العلماء فكرة أن أدمغتنا الكبيرة قد تطورت لأنها تساعدنا على جذب الآخرين من خلال الظهور بمظهر ذكي.
الجاذبية الجنسية للفنانين
من المعروف أن الفنانين الناجحين يتمتعون بجاذبية عالية؛ إذ يشتهر نجوم موسيقى الروك والفنانون من الذكور والإناث بقدرتهم على جذب مجموعات كبيرة تهدف إلى إقامة علاقة جنسية معهم.
لكن المشكلة في تاريخ تطور الدماغ أن أدمغتنا كانت كبيرة قبل ظهور الأنشطة الفنية، ورغم ذلك يمكن لنا القول إن المبدعين أكثر إثارة للاهتمام وجاذبية للجنس الآخر. وهذا التعميم ليس خاصا بالبشر، فحتى الطيور يتم الاحتفاء بها لإنجازاتها الإبداعية، سواء كانت عشا للتزاوج بناه طائر التعريشة، أو مجموعة من الأغاني الرائعة لطائر يقلد أصوات الطيور الأخرى، أو الرقصات ثلاثية الأبعاد المتقنة لطائر القرقرون.
أخيرا، ورغم حقيقة أن الذكاء أمر مهم للجاذبية الجنسية، إلا أن النساء يمتلكن في هذا الموضوع سرّا مُبهما، فالفتاة المراهقة بدلا من التأكيد على الذكاء، تخفي ذكاءها من أجل جذب الذكور. كما تقضي المرأة وقتا في العناية بمظهرها أكثر مما تقضي في تنمية عقلها، وهي ملاحظة تسجلها الدراسة وتعززها بالإشارة إلى شيء مماثل يفعله الشباب وهو أنهم يفضلون الحفلات على الدراسة ونادرا ما يلغون موعدا غراميا من أجل الدراسة.