كثيرون منا مرّوا خلال حياتهم الماضية بتجارب عاطفيّة سابقة، كان مصيرها الفشل لسببٍ من الأسباب، فليس أمراً مبرماً ونهائياً أن تتزوّج المرأة أوّل شابٍّ خفق له قلبها، أو شابّ حاول التقرّب منها ليبدآ معاً علاقةً عاطفيّة، ثمّ يفترقا لسببٍ من الأسباب.
عادةً ما يخبر الزوج زوجته عن علاقاته التي سبقت ارتباطهما، دون أن ينتظر منها ملامةً أو اعتراضاً، فمجتمعنا الشرقي يبيحُ له ذلك الحق إن أراد استخدامه، لكن هل الأمر نفسه ينطبق على المرأة الشرقيّة؟
من المؤكّد أنّ لهذا التساؤل جوابٌ بديهي، وهو "بالطبع لا، إنه لا يعطي المرأة ذلك الحق، لأنّ الصورة المثاليّة للزوجة الصّالحة في هذا المجتمع المليء بالعقد والآفات، هي التي "ما باس تمها إلاّ أمها.."، وكأنَّ الحبَّ عيبٌ نُعابُ به، وكأنّ المشاعر والأحلام والصّدف والأقدار تُدارُ عبر "الروموت كونترول"!.
ربّما من غير المُجدي أن ندخلَ في جدالٍ عقيم حول الحقوق التي منحها مجتمعنا للرجال وحرم نساءه منها، لكن من المهم جداً أن نثير تلك التساؤلاتٍ عن الآفات المجتمعيّة، التي تحرم المرأة من حقها الطبيعي في أن يكون لها ماضٍ وتجارب وذكريات مثلُها كمثل الرّجل، فهي لا تقلُّ عنهُ إنسانيةً..!.
صراحتها تهدّدُ استقرار حياتها
لكن مالذي يمنع المرأة من البوح بماضيها؟
صحيحٌ أنّه في غالب الأحيان لايكون من الضروري أن تبوح المرأة بماضيها للزوج، فما مضى قد مضى وكلاهما مسؤولٌ أمام الآخر عن الحاضر الذي يجمعهما، أما بالنسبة للماضي فليس من حقّ أيٍّ منهما أن يحاكم الآخر على زمنٍ لم يكن زمانه، إلا إذا كان أحدهما يعاني من الغيرة والشك، مما يقلب الموازين كلها رأساً على عقب.
فغيرة الزوج تُبقي المرأة حبيسة ماضيها وتجاربها المكبوتة، والتي تخشى إظهارها لأنها ببساطة ستُهدّدُ استقرار حياتها، لعدم قدرة الزوج على التخلّص من شكوكه، ومسامحتها على "عيشها لحياتها بشكلٍ طبيعي" قبل وجوده فيها!
حلمٌ بعيد..
هل نأملُ قريباً بنيل المرأة لتلك الحقوق وغيرها؟ أم أنّه حلمٌ ما يزال بعيداً؟
الرّهان في تحقيق هذا الحلم سيكون بشكلٍ أساسي على الوعي المتنامي في مجتمعنا، وهو السبيل الوحيد لإيصال الجميع إلى حالةٍ من التفهُّم لحاجات الآخر، والنظر إليه على أنّه إنسانٌ أولاً قبل أن يكون "امرأة"، ولكنّ الوصول إلى تلك المرحلة ليس سهلاً أبداً، وسيحتاج المزيد من الوقت، لأن الوعي المجتمعي هو عمليّةٌ تراكميّة، تأتي نتيجةً لتجارب وأخطاء.
المرأة مسؤولة
فهل تعلمين عزيزتي المرأة أن بين يديكِ يكمن الحل؟.. نعم فأنتِ بالدرجة الأولى من بيدها إحداثُ الفرق الحقيقي، وذلك عندما تربّين أطفالكِ ذكوراً وإناثاً على القيم التي افتقدتيها في مجتمعك، وتمنيتِ لو أنها كانت موجودة، وتبدئين بترسيخ ثقافة "الآخر إنسان مثلك" في عقولهم، حينها فقط ستشهدين التغيير الحقيقي، وستنالين الشكر والامتنان من "فتيات المستقبل".