سياحة وسفر

19 أكتوبر 2016

بنما.. أضواء ساطعة في أحضان غابات كثيفة

تتمتع بنما بشهرة عالمية بسبب القناة، التي تربط بين المحيط الأطلنطي والمحيط الهادئ، والتي تعتبر من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم. وإلى جانب مشاهد البواخر والحاويات العملاقة يمكن للسياح الاستمتاع بمجموعة من المتناقضات؛ إذ تتلألأ أضواء العاصمة الساطعة في أحضان الغابات الكثيفة.

بريق عصري

ودائما ما تتلألأ المباني التاريخية ويشع منها بريق عصري؛ إذ تضم الجدران القديمة العديد من الفنادق الفاخرة والحانات والمطاعم الراقية ومتاجر بيع الهدايا والتذكارات. ويلمح السياح المدينة الجديدة تلوح في الأفق أثناء وقوفهم أمام أسوار القلعة بالمدينة القديمة، ولكن المرشد السياحي لفت أنظار السياح إلى الاتجاه المعاكس؛ حيث يوجد جسرأمريكا عند المدخل المؤدي إلى قناة بنما.

وتوجد المحميات الطبيعية سوبيانيا وشاغريس وكامينو دي كروسيس على الجانب الشرقي لقناة بنما، وتوفر حماية طبيعية للحيوانات والنباتات. وتجدرالإشارة إلى أن 29% من مساحة بنما تعتبر بمثابة محمية طبيعية، وتضم ما يقرب من 954 نوعا من الطيور و220 نوعا من الثدييات و354 نوعا من الزواحف والبرمائيات. وقد اهتمت الدولة كثيرا بموضوع الحفاظ على البيئة، وهو ما كان له تأثير إيجابي على ازدهار النشاط السياحي في بنما؛ إذ زادت أعداد السياح خلال 2015 بنسبة 22% لتصل إلى 13ر2 مليون سائح.

وعلى العكس من إيرادات قناة بنما، التي تبلغ 2 مليار دولار سنويا، فإن جزء كبيرا من عائدات السياحة يذهب إلى جيوب السكان البسطاء مباشرة. وقد اضطر الهنود إلى تغيير أسلوب حياتهم، بعد أن تحول جزء من موطنهم إلى محمية شاغريس الطبيعية؛ حيث تم منع الصيد والزراعة على نطاق واسع، وأصبحت السياحة هي المصدر الأساسي للدخل لهم.

مستوطنة "إمبيرا"

ويقوم فابيو، أحد المرشدين السياحيين، باصطحاب الزوار في قوارب الكانو لزيارة مستوطنة "إمبيرا" في المحمية الطبيعية؛ حيث يكون في استقبال السياح لجنة الترحيب، التي ترتدي التنانير الملونة وقلائد اللؤلؤ من أجل تحية الزوار والترحيب بهم بالأغاني الفلكلورية، وبعد ذلك يتم اصطحاب السياح إلى الأكواخ المغطاة بأوراق الشجر والمصنوعة من جذوع الأشجار، وسرعان ما يشترك السياح في هذا الفلكلور، وينعمون بالهدوء والاسترخاء.

ويتفاجأ السياح من قدرة شباب أمبيرا على التحدث باللغة الإنجليزية، ويحكون للسياح عن حياتهم اليومية، ويعيش بعض هؤلاء الشباب في المدينة بشكل مؤقت، في حين يفضل البعض الآخر العيش في القرية. وينعم هؤلاء بحياة كريمة اعتمادا على دخل السياحة؛ حيث تنتشر أنظمة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وسط الغابة المطيرة لتوفير سبل الراحة، التي تشتمل على تجهيزات الإضاءة والتلفاز وسخانات الطهي.

وعلى الرغم من انتشار مظاهر الحياة العصرية، إلا أن قبيلة إمبيرا لا تزال محتفظة بالجزء الأكبر من تقاليدها؛ إذ يعتمدون على سعف النخيل لنسج السلال والأطباق، بالإضافة إلى إبداع المنحوتات من خشب "كوكوبولو"، كما يتم صيد الأسماك البلطي بواسطة الرماح، والتي يتم تقديمها للسياح طازجة، ويتم طهيها مع الموز في سعف النخيل.

وقد شهد عام 1513 قدوم المستكشف فاسكو نونيز دي بالبوا وفريقه لأول مرة إلى إمبيرا، بعد عبور برزخ بنما، الذي يفصل بين منطقة البحر الكاريبي والمحيط الأطلنطي. ولكن هذه الفترة التاريخية قد ولت إلى غير رجعة، وأصبح الهنود اليوم يقدمون مساهمة فعالة وقيمة في السياحة المستدامة في بنما.