الحمل والولادة

1 نوفمبر 2019

المرأةُ التي لا تُنجب.. هل ينبذها المجتمع لواقعٍ لم تقترفه؟

يقولون: "الشجرة التي لا تثمر، قطعها أوْلى من بقائها"، هكذا تحكم المجتمعات الشرقية على الزوجة غير المُنجبة، ويحكمون على أنوثتها بمدى قدرتها على الإخصاب، فيما علاقتها بزوجها تتحدّد بعدد الأطفال الذي يجمع بينهما.

هي موروثات أوجدتها المجتمعات وأصبحت تشكل عنصرًا مهمًا في تغيير الاتجاهات والتفكير نحو الزوجة "غير المُنجبة"، دون التنبّه إلى أنّه كما توجد سيّدة لديها نعمة الإنجاب والعديد من الأولاد، بالمقابل هناك سيّدة أخرى مُنعتْ منه، وكلتاهما خاضعتان لامتحان؛ فمَن أنجبت أمامها اختبار تربية أولادها، فيما الثانية أمام اختبار قبولها بالأمر الواقع ومشيئة الله.

نظرة المحيطين بها

المتخصّص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات، وهو يشير إلى أنّ المجتمعات الشرقية سرعان ما تحثّ الرّجل على الزّواج ليس من أجل الاستقرار فحسب، وإنّما من أجل إنجاب أطفال يحملون اسمه فيما بعد، وهناك من ينظر للزّوجة النظرة ذاتها، وينتظر منها الأمر ذاته.

ولكنّ الغصّة الكبيرة، عندما لا تملك القدرة على الإنجاب، فتصبح بنظرة المحيطين بها امرأة لا دور لها طالما لم ترفد أسرتها بالأطفال، الذين يعتبرونهم عنصرًا هامًا من عناصر المستقبل وبناء المجتمعات، فيزداد الفتور نحوها وكأنّها إنسانة "بلا فائدة".

المتمعّن في المشهد، كما يقول العمارات، سيجد كم هي قسوة المجتمع على المرأة التي لا تنجب، متسائلاً: ماذا لو حلّ الرّجل مكان الزوجة، هل سينظرون إليه كما ينظرون إليها؟

دور الزّوج

يعتقد العمارات، بأنّ العاتق الأكبر يقع على الزّوج، فيتمسّك بها ولا يتخلّى عنها، خصوصًا إنْ كان زواجهما نتاج علاقة عاطفية تكلّلت بالنجاح ثمّ الزواج. ومن جهة أخرى، يؤكّد إيمانه بأنّ تلك مشيئة الله وليس من حقّه الاعتراض عليها.

ويضيف: نحن أمام معادلة يجب تعديلها بغض النظر عن العادات والتقاليد أو التفكير غير المتوازن، إذْ لا يمكن التغيير من فسيولوجية المرأة؛ لأنّه ليس من صنعها.

أما من طرف أهل الزّوج، فالأجدر بهم التريّث نحوها، وترك ابنهم يقرّر شأنه لوحده، كي لا يكونوا سببًا رئيسيًا في خراب بيته، وانفصال الطرفيْن عن بعضهما، لأمر ليس من صنع يديْها.

إنّ القبول بالمرأة التي لا تنجب واحترام ظرفها يساوي نفس المستوى التي تكون عليه المرأة المُنجبة، فلكلٍّ منهما دورها في رفع مدماك السّعادة، بغض النظر عن حالة الإنجاب من عدمه، مطالبًا المجتمع بأنْ ينصفها، ولا يميّزها عن أيّ سيّدة أخرى، إلا بالعمل والمشاركة المجتمعية في تحقيق الاستقرار للمجتمع والأسرة والفرد.

العمارات انتهى إلى أنّ الحكم على مَن لا تُنجب لا ينقص من شخصيّتها ودورها، كما أنّه ليس دافعًا لترك الزّوج شريكة حياته التي قد تكون عامل سعادة ورفاهية وهناء له، بغض النظر عن عدم إنجابها الأطفال.