الحياة الزوجية

30 مارس 2019

قرار الزواج المُتسرع.. هل ينتهي بطلاق مُبكر؟

الزواج سنة الله في خلقه، ولابد أن يتم بروية نوعًا ما، وأن يُبنى على التضحية وحب الأسرة وتحمل المسؤولية، فلابد من أن يأخذ قرار الزواج الوقت الكافي ليتسنى للطرفين بحث أهداف الحياة الواحدة المشتركة بينهما ومعرفة مدى تآلف الطباع والانسجام العاطفي، وهذه من أهم مقومات الزواج الناجح، ولكن، هل هذا يعني أن الزواج السريع ينتهي بطلاق مبكر؟.

حول ذلك تتحدث الاستشارية التربوية والأسرية الدكتورة أمل بورشك بقولها: "في الوقت الحالي يتم الزواج بسرعة، بسبب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والجنسية، ووجود شباب وشابات ينتظرون الزواج كحل لتغيير حياتهم".

وتضيف بورشك: "يرافق ذلك بعض الاستخفاف من قرار الزواج من قبل المرتبطين معًا، لتغير نظرة الشباب للزواج، فهو فرصة لتقليد أعمى لحفلة صاخبة والمقارنة بالآخرين والهيام بالأحلام، وهو وسيلة للتخلص من قيود الأهل وسيطرتهم، والحلم بحياة رومانسية مع شخص مثالي يحقق لهم أمنياتهم، فلابد أن يكون القرار واقعيًا جدًا لمن يقدم على الزواج ويلم بواجباته تجاهه".



ووفق الاستشارية بورشك: "كان الزواج في السابق نادرًا ما يتم من شخص بعيد عن العائلة، ولكن اليوم بات الجميع غريبًا، ولا بد من التروي قبل عقد القران للتعارف الإيجابي، والتأكد من سلوك الطرفين والتعرف على أهل وأصدقاء الطرفين، فلا بد من توعية الشباب واللجوء إلى استشارة المختصين وعدم التساهل في الخروج من الزواج بالطلاق، لما يتركه من أثر سلبي على الطرفين، ويسبب هدرًا ماديًا ومعنويًا وزمنيًا للطرفين، كما يعود بالسلبيات على المجتمع لتزايد حالات الطلاق، فاليوم بات مألوفًا أن يتم الطلاق من قبل المأذون نفسه الذي عقد القران بعد سويعات لتكون قصة يتندرون عليها وتحصد أكثر المعجبين على مواقع التواصل".

فقد تكون الأغنية التي سيدخل عليها العرسان، وكلفة الحفل، وطريقة تأثيث البيت أحد أسباب الطلاق، وأكثر أهمية من معدن وجوهر الشخص المقترن به، فالتركيز بات على الأمور المادية متناسين الجانب الروحي والجسدي والعاطفي ومدى تحمل المسؤولية، فالانبهار السريع بعيدًا عن التأني، قد يولد صدمات متتالية لاختلاف جوهر الطرفين عن تحمل مسؤوليات الزواج.

ولا يمكن وفق بورشك أن نتناسى التغيرات الاجتماعية السلبية من ازدياد في الإدمان والتستر عليه وتعاطي المخدرات والانشغال الزائد بالاهتمامات الشخصية لكل طرف أكثر من المسؤوليات المطلوبة للعائلة والأسرة مثل مواقع التواصل الاجتماعي والدراسة والعمل، وعدم الفهم العميق للأسرة وتغير النظرة والمفاهيم عن كل دور يقوم به كلا الطرفين مع زيادة البعد الديني لهما وتبني مفاهيم خيالية للواجبات والحقوق، ونبذ كل ما هو تقليدي ومحترم والجري وراء بعض الشذوذ والأفكار العصرية التي لا تبني أسرة، ولكن تستنزف قدرات الأفراد والمجتمع.



لذا لا بد من عدم التسرع في عقد القران، وتبرير التسرع في عقده بسبب الارتباطات الوظيفية أو أن السن مناسبة للزواج، والخوف من استنفاد وقت الانتظار والرفض لدى الطرفين لوقت طويل، فلا بد من توفر العزيمة على الزواج، فكما يوجد تجارب ناجحة في الزواج السريع، يوجد أيضًا تجارب أخفقت بسبب عدم تعارف الطرفين على بعضهما البعض، فهما من سيقضيان حياتهما بحلوها ومرها معًا، وكثيرًا ما يُكتشف تباعد في الطباع مثل مستوى الحرية أو التمسك بالعادات والتقاليد.

وتؤكد الاستشارية بورشك أن نجاح الزواج يتطلب العديد من المحاولات ومزيدًا من الوقت، ونضجًا وقدرة على التحمل؛ حتى يتم تقبل الاختلافات بين الطرفين والتعايش معها، وينمو ويكبر الحب والمودة بينهما، وهذا لا يتم بسرعة ويحتاج إلى فترة زمنية أطول للتعارف والدخول في نقاشات وتدارس الأحوال والتعرف على المقربين من الطرفين، ولكن مع كل ذلك قد يقع الطلاق؛ فالزواج يقود إلى تغييرات جذرية في الحياة، لذلك من المهم التفكير فيه بروية وجدية حتى لا يتم اكتشاف الحقائق بعد فترة لافتقار الطرفين للحنكة الحياتية والتواصل الإيجابي البناء.