الحياة الزوجية

6 سبتمبر 2017

متى تلجأ العزباء المثقفة والمستقلة ماليًا إلى مكاتب الزواج؟

قد لا يعرف الكثيرون أن نسبة كبيرة من أرقام العزوبية العالية في العالم العربي سببها خوف الأنثى أو "الفوبيا" من الفشل في زواج يفتقد للتكافؤ ودواعي الاستقرار.

هذه الملاحظة جاءت في دراسة أخيرة موّلتها "فيدرالية المرأة الأوروبية"، حول العزوبية في دول البحر المتوسط العربية، وخرجت الدراسة بنتيجة مفادها أن معظم أو بالأحرى كل الحلول التي جرّبتها الدول العربية لمواجهة مشكلة "العنوسة" باءت بالفشل بنسبة كبيرة ولأسباب عديدة تكاد تكون معقدة، فبقيت المشكلة العامة محصورة عند كل فتاة لتقرر هي وأسرتها ما هو الحل الأنسب لابنتهم.

غير أن أصعب الخيارات التي تواجهها الفتاة العازبة العربية، كما تقول الدراسة، هي عندما تجد نفسها في لحظة ما، وبالذات عندما تتجاوز الأربعين، أمام خياريْن: إما أن تمضي بقية حياتها منفردة أو أن تلجأ لمكاتب الزواج التي أصبحت الآن تملأ الإنترنت، وفي كل الدول العربية بلا استثناء.

أسباب لجوء العزباء لمكاتب الزواج؟



الباحث وأستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي يرى في حيرة الفتاة بين العزوبية الدائمة وبين اللجوء لمكاتب الزواج، بأنها حيرة شديدة الوطأة، ولا يقدّر ضغطها النفسي إلا من جربّها، مستذكراً حالات عديدة لفتيات مثقفات ومستقلات مالياً خضنَ تجربة البحث عن عريس من خلال مكاتب الزواج، فصادفتهنّ مشاكل نفسية لا تقل عن المشاكل الاجتماعية المتعلقة بالخوف من الطلاق.

وأضاف الخزاعي لـ "فوشيا" بأن الخياريْن السابقيْن أصعب من بعضهما، وفيهما من غياب المنطق بقدر ما فيهما من اليأس والارتماء في حضن المجهول؛ فالزواج بالنسبة للفتاة، تحديداً، هو خلطة معقدة من مستلزمات الإشباع النفسي والجسدي والشعور بالأمان والبحث عن معنى للحياة في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، وهذا الأمر ينطبق على الفتاة الفقيرة الجاهلة تماماً كما ينطبق على المتعلِّمة والمكتفية مادياً.

بالمقابل، بيّن الخزاعي، أن لجوء الفتاة العزباء إلى مكاتب الزواج، يحمل بحدّ ذاته إشارات الانكسار واليأس لها، تحديداً عندما تجد نفسها مضطرة لعمل شيء لا يُرضيها، لكنها تفعله تحت ضغط الخوف من المستقبل والعطش العاطفي.

والأهم من مشاعر القلق والتناقض والازدواجية، كما يقول الخزاعي، هو الشعور بالرعب من الفشل، فقصص الزواج غير المتكافئ وغير المبني على الوضوح والثقة، هي قصص لا تخلو منها جلسة نسائية، الأمر الذي يجعل الخوف من الفشل حقيقة تؤرق البنت العزباء أكثر وأشد مما يؤرقها غموض المستقبل والجوع العاطفي.

مبيّناً أن لجوء العزباء لتلك المكاتب لا يأتي إلا بعد أن تدخل سن الأربعين ويصبح الزواج بالنسبة لها محدود الفرص ومحاطاً بكل موجبات الحيرة والقلق والخوف من المستقبل، وحتى لو رفضت فكرة اللجوء للمكاتب بالعلَن لكنها قد تفعلها سراً، نظراً لعيشها تحت ضغط الجوع العاطفي، وإن اضطرت لمخالفة العقل والمنطق.