الحياة الزوجية

4 مايو 2017

لماذا يلجأ الزوج إلى الظهور بوجهين في التعبير عن مشاعره؟

تمرّ على الإنسان لحظات يرغب فيها الرجل التعبير عن حبه لزوجته وامتنانه لها جراء مواقف تحدث معهما، ولحظات عديدة أخرى ترغب فيها الزوجة بالمزاح والضحك معه ومداعبته سواءً أمام أسرته أو الغرباء، لكن ما يخفف من وهج اكتمال هذا الأمر، عدم قدرة الزوج على التجاوب معها ولو بكلمة حلوة، منتظراً عودتهما للمنزل، حينها يفعل ما يريد دون قيود، فما الذي يمنعه من ذلك؟ هل بداعي الخوف أم الخجل أم الحفاظ عليها من كلام يسيء لها؟

استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور نائل العدوان قال لـ "فوشيا" إن تعامل الرجل بوجهيْن مع زوجته، وجه أمام الأهل والناس والمقرّبين كله التزام وانضباط، ووجه آخر مختلف مع زوجته في المنزل عندما يكونان لوحدهما، يعود لعدة عوامل، من أهمها: اعتقاد الرجل بأن صوت المرأة عورة، وممنوع انكشافها على أشخاص غرباء، والأصدقاء غرباء، حتى إن الكثير من الرجال يطبقونها وكأنها عُرف مجتمعي رغم عدم التزامهم دينياً، وهذا ما يعطيه سلطة علوية لمراقبة الزوجة حتى لا تقع في خطأ رفع صوتها أو الضحك، أو أن تكون اجتماعية أمام الآخرين.



وأرجع العدوان ذلك لاعتقاد المجتمعات العربية أن المرأة إنْ ضحكت في وجوه الآخرين قد تكون "سهلة المَنال"، تحقيقاً للمثل القائل: "إذا ضحكت البنت وبان نابها، إلحقها ولا تهابها".

كما تصف تلك المجتمعات الفتاة التي تمزح كثيراً وتعبر عن رأيها بقوة، بالفتاة "الخفيفة"، والمقصود أنها "غير مؤدبة"، لهذا يفضل الرجل عموماً، إرضاءً لغروره الداخلي وعقله الشرقي، أن تكون زوجته أمام أسرته ووالديْه تحديداً "عَبْدة"، يحذرها من التعبير عن مشاعرها نحوه أمامهم، وهو كذلك، حتى لو كان هناك موقف يستدعي تقديم الإطراء والغزل من أحدهما للآخر، وفق العدوان.

سبب آخر، يعيق الرجل من التعبير عن مشاعره تجاه زوجته، أكده العدوان، يتمثل في انسياق الرجل مع شروط المجتمع وقيوده، تحسباً من تعرّضه لكلام جارح ممن يحيط به من المعارف والأقارب، ونظراً لتغليب الظن السيء منهم بأفعاله مهما كانت، فعلى سبيل المثال، لو قبّل الزوج زوجته في الشارع، قد يعتقد المحيطون به أنها "فتاة ليل"، بحكم استحالة القيام بهذا الفعل إلا أثناء التواجد في منزلهما، ومن غير المنطق فعله في الأماكن العامة.



وأوضح أن الرجل العربي يتميز بجياشة مشاعره وأحاسيسه ورقته، ما يفوق الرجل الغربي، لكن مع الأسف، المجتمع يضيق الخناق على طبيعة علاقاتنا وتصرفاتنا، والتعامل مع طبيعة الشارع، وهذا ما أسماه العدوان "التأخر في التفكير المنطقي"، فمن غير المعقول، إذا تحسس الرجل شعر زوجته سواءً كانا في السيارة أو في الشارع، أن يظنوا بهما ظنّاً سيئاً، أو بأنها ليست زوجته، بخلاف ما نشهده من عقلانية الناس في الدول الغربية، الذين يستطيعون التعبير عن كل ما يعتريهم من مشاعر وفي الشارع دون رهبة أو خوف من أحد.

وبيّن العدوان أن الرجل الشرقي قد يكون مسكيناً في بعض الأحيان، ويحب أن يرى زوجته سعيدة ويسعد معها، ولكن أي تصرف منه يجب أن يُحصر في المنزل فقط، حفاظاً عليهما من الكلام الجارح، أو النظر إليهما نظرة سلبية قد تصدر من أقرب الناس إليه.

وختم العدوان قوله: "لذلك قد يكون من الصعب تماشي الرجل مع متطلبات المجتمع في كل أموره، ولكنه قد يضطر لتطبيق المثل القائل: "ابتعد عن الشر وغني له".