حب ورومانسية

8 ديسمبر 2022

أساطير لمن لا يؤمنون بالكيمياء الشخصية التي تشعل شرارة الانجذاب بين شخصين

واحدة من ألغاز العلاقات البشرية التي ما زال العلماء يجتهدون في تفسيرها، أو بالأحرى التأكد مما إذا كانت مجرد أسطورة، هي موضوع الكيمياء الشخصية Personal Chemistry التي يقال إنها تشعل شرارة الانجذاب والإفصاح بين شخصين.

وممن تصدوا لهذا اللغز مؤخرا عالم النفس الأميركي "هاري ريس" الذي يدرس العلاقات الاجتماعية والعاطفية منذ 5 عقود. فقد نشرت له مجلة علم النفس اليوم (سايكولوجي توداي) دراسة اختصر فيها خبرته بالقول، إن العلاقة الاجتماعية المعقدة والمصحوبة بمزامنة متجسدة بين الشركاء، قد تكون لفظية مثل التعبير عن أفكار مماثلة، وغير لفظية مثل الابتسام، والتكيف مع إيقاعات الكلام، وحتى المكونات العصبية، إلى جانب عوامل فردية مختلفة.

كما بيّن ريس أنه لا بد وأن يكون هناك شيء مشترك مع الشخص الآخر مثل الشعور بالصداقة الحميمة، هو الذي يسهل الإحساس بالكيمياء.

أساطير ومعتقدات حول الكيمياء




قدم ريس 11 أسطورة ومعتقدات شائعة حول الكيمياء الشخصية بين الناس، أكد فيها أن بعض هذه الأساطير صحيح بالفعل.

وفي التفاصيل، قال إن الانطباع الأول بين شخصين مهم لكنه غير دقيق. فقد لا تحب شخصاً ما عند الانطباع الأول لكن قد يتغير هذا الشعور بعد قضاء بعض الوقت معاً. وقد تعتقدين أنكِ تشعرين بالكيمياء في غضون لحظات لكن هذا لا يسري في أغلب الأوقات، حيث يجب أن تتبع جدولها الخاص بالتطور ببطء.

وأما بالنسبة للمعتقد أن الكيمياء الشخصية نادرة الحدوث فهذا الاعتقاد خطأ لأنها أكثر شيوعا مما نعتقد. فهي لا تقتصر على العلاقات الرومانسية كما يُفترض غالباً، بل على مستوى العائلة والعمل، حيث تتواصل مع شخص ما بشكل أفضل من الآخرين.

وهنا يأتي الكلام عن الكاريزما. فوفقا لريس فإن ذوي الكاريزما ليسوا بالضرورة من يتمتعون بالكيمياء الجاذبة، حيث تُعد الكاريزما طريقاً أحادي الاتجاه. فبعض الأشخاص يمكن أن يكونوا يتمتعون بشخصية كاريزمية عالية ويحظون بإعجاب الكثيرين، لكنهم لا يزالون لا يطورون روابط عميقة مع الآخرين.

أما بالنسبة للكيمياء بين الأشخاص فهي كما يقول ريس، تظهر فعلا حتى بين الأشخاص المختلفين تمامًا عن بعضهم. يحصل ذلك وفقًا لمعايير ديموغرافية مختلفة. وعندما يحدث، عادة ما يتم لأن هؤلاء الأشخاص لديهم شيء مهم مشترك.

فالكيمياء ليست ثابتة ولا تدوم بالضرورة. فقد تشعرين بها في لحظة لكنها قد تتضاءل وتخفت شرارتها بعد فترة.

وبالنسبة للمعتقد أن الحب ضروري للشعور بالكيمياء فهذا صحيح جزئيا ومشروط ،كما يقول الدكتور رايس. يتعلق ذلك أيضا بكيفية الاستماع والاستجابة. كلاهما مهم لكن لا يمكنك تزييف الكيمياء أو إجبارها. فإما أن تحصل وإما لا. هي ليست أمرا يمكن أن يختبره كلا الشخصين في التفاعل. نعم قد يشعرون بها لكن قد تفتر مع مرور الوقت.

أسطورة أخرى عرض لها ريس باعتبارها سمة من سمات الحب. قال إن ذلك ليس بالضرورة وفي كل الحالات. فيمكن للمرء أن يشعر بالكيمياء مع شخص ما في العمل دون أن يكون لديه حب له. ومع ذلك، فإن العلاقات الرومانسية العاطفية عادة ما يكون لها الكثير من الكيمياء.

حقائق عن الدماغ




وتستذكر الدراسة أن كتاباً صدر عام 2019 كتبه بيل برايسون وكان من أكثر الكتب مبيعاً، أورد فيه 11 حقيقة عن الدماغ بعضها مثير للدهشة.

من ذلك إن الدماغ اليوم أصغر مما كان عليه قبل 12000 عام، حيث تقلص من حوالي 1500 سم3 إلى 1350 سم3. وقال المؤلف إن أدمغتنا أصبحت أكثر كفاءة مع تطورنا بالتقنيات الحالية. وأضاف أن الدماغ موجود في الظلام وليس به مستقبلات للألم بل مجرد تيارات من النبضات الكهربائية وأنه يمثل 2% من حجم الجسم لكنه يستخدم 20% من الطاقة ويتكون من حوالي 75-80% من الماء والباقي دهون.

وزاد في تشخيص الدماغ بالقول إنه موطن لـ 86 مليار خلية عصبية طويلة خيطية تمرر الإشارات الكهربائية لبعضها. ويحتوي السنتيمتر المكعب من أنسجة المخ على العديد من الروابط العصبية مثل النجوم في درب التبانة. ويعتمد ذكاؤنا إلى حد كبير على هذه الروابط العصبية وليس على العدد الكبير من الخلايا العصبية.

علاوة على ذلك؛ فقد ذكر برايسون في كتابه أن العيون وهي مفتوحة ترسل 100 مليار إشارة إلى الدماغ كل ثانية. ومع ذلك، فإن رؤية شيء ما لا تعتمد فقط على المعلومات التي تأتي من خلال العصب البصري، ولكن إلى حد كبير على كيفية تفكيك الدماغ للإشارات التي يتلقاها. كما يستغرق الأمر 1/5 من الثانية حتى تنتقل المعلومات عبر العصب البصري إلى الدماغ حتى تتم معالجتها وفهمها، وبالتالي نقضي حياتنا كلها نعيش في عالم لم يتشكل بعد.

ما علاقة كل ذلك الخاص بالدماغ، بالكيمياء الشخصية التي تشعل العلاقات بين شخصين بدون منطق كاف وبدون ضمانة بالاستمرار؟

عالم النفس "هاري ريس" يجيب بالقول: "الجواب موجود في السؤال.. فالكيمياء الشخصية خليط غير متوازن من الأساطير والحقائق التي لا يزال العلماء يستقصونها في تركيبة الدماغ وطريقة عمله".