اهتماماتك

27 سبتمبر 2020

هل الحنين إلى الماضي أمر صحي؟

أظهرت دراسات مسحية أخيرة أن الخروج المتدرج من مرحلة الحجر المنزلي الذي أوجبته جائحة الكورونا، تميز بشحنة عالية من الركون إلى الحنين لفترات سابقة أيام كانت الأمزجة أكثر اعتدالا واستقرارا.

وترافقت نتائج الدراسة المسحية مع تحليلات تفاوتت في تفسير هذه الظاهرة وفي التساؤل عما إذا كانت صحية. لكنها اتفقت جميعها على أن الحنين طقس مصطنع لكنه جميل وضروري للتوازن النفسي.

تنويعات الحنين

في العادة يكون الحنين إلى الماضي بسبب الرغبة باستعادة المشاعر الإيجابية نفسها التي شعرنا بها سابقا، للتواصل مع أنفسنا التي كنا عليها في ذلك الوقت. ربما شعرنا براحة أكبر، ربما شعرنا بالفرح أو بالإنجاز، ربما شعرنا بالحب وارتباط أكثر بأحبائنا.

تعمل الأشياء أو العناصر الملموسة من الماضي (الأفلام والأغاني) كنوع من المواضيع الانتقالية. والموضوع الانتقالي هو عنصر يستخدمه الطفل للشعور بالأمان، ويطلق عليه اسم انتقالي لأنه يساعد الأطفال على الانتقال من الاتصال المباشر مع الأهل إلى تعلم الاستقلال.

وبالمثل، فإن مواضيع الحنين إلى الماضي تعمل كوسائل للتواصل مع الحالات العاطفية التي نتوق إليها، إنها تعطينا رابطا مباشرا مع مشاعر نسعى إلى تجربتها في الوقت الحاضر، وتساعد في تهدئتنا وتنظيم المشاعر السلبية التي قد نشعر بها. ويبدو أننا عندما نكون تحت الضغط أو نشعر بالوحدة، نكون مستعدين تلقائيا للحنين إلى الماضي.

وجدت سلسلة أخيرة من الدراسات أننا نميل بشكل طبيعي إلى الحنين للماضي عندما نشعر بالوحدة. لهذا ازداد الحنين إلى الماضي خلال فترة الحجر بسبب الكورونا، فقد أدت العزلة الاجتماعية خلال الأشهر الطويلة من الحجر إلى شعور العديد منا بالوحدة، وتحاول أنظمتنا العاطفية تجاوز ذلك من خلال استحضار ذكريات الأوقات السعيدة.

لتحسين المزاج

واكتشف الباحثون أيضا أن هناك آلية مباشرة يعمل من خلالها الحنين على تحسين الحالة المزاجية وتوليد تأثير إيجابي من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية وزيادة احترام الذات. باختصار، الحنين يجعل ذواتنا المنعزلة تتذكر ذواتنا المتصلة، ما يجعلنا نشعر بتحسن تجاه أنفسنا. خلال أوقات التوتر والانسحاب الاجتماعي القسري، من المنطقي أن الحنين إلى الماضي قد يساعد في مكافحة مشاعر العجز وانخفاض الكفاءة الذاتية.

وجد باحثون آخرون أن الانخراط في الحنين إلى الماضي يساعد على زيادة الإحساس بمعنى الحياة من خلال مشاعر الترابط الاجتماعي، كما يساعد على تعطيل ما نتصور أنه يهدد مشاعرنا وصحتنا. ربما كان الحنين إلى الماضي هو ما يساعدنا على احتمال تلك الأيام الطويلة من الحجر الصحي، عندما نتساءل عن معنى حياتنا ونواجه مشكلة في التكيف مع فكرة العزل الجديدة والبعيدة جدا عن الحياة الطبيعية.

باختصار، كما تقول الدراسة، إذا ما تساءلنا "هل الحنين إلى الماضي أمر صحي؟"، فيبدو أن الإجابة ببساطة هي نعم.