اهتماماتك

23 يوليو 2020

بسبب مقتل "أحلام".. احتجاج أردني يرفع شعار "الدم عمره ما بصير شاي"

ما تزال حادثة مقتل الشابة الأردنية "أحلام" على يد والدها، تلقي بظلالها على الشارع الأردني، حيث نظمت نساء أردنيات بالتعاون والاشتراك مع منظمات معنية بالدفاع عن النساء وحقوق الإنسان وقفة احتجاجية أمس الأربعاء أمام مجلس النواب الأردني في العاصمة عمّان، للمطالبة بإعادة النظر في المادة 98 من قانون العقوبات.

المتظاهرات رفعن يافطات كتب عليها "صرخات أحلام" و"الدم ما بصير شاي" في إشارة إلى مقتل "أحلام" على يد والدها في منطقة صافوط بمحافظة البلقاء، وهي جريمة هزت الشارع والرأي العام الأردني لا سيما بعد نشر مقاطع فيديو للفتاة وهي تصرخ، بينما راح والدها يشرب الشاي مانعا المتواجدين من إسعافها.

كما طالبت الناشطات بتعديل المواد في قانون العقوبات التي تتيح تخفيف الحق على معنف وقاتل النساء تحت بند "ثورة الغضب" أو ما يعرف بجرائم الشرف، فيما تقول الناشطات إن المادة 98 من قانون العقوبات الأردني جاءت على عكس ما تشتهيه الكثير من السيدات، حيث يستفيد فاعل الجريمة من "العذر المخفف"، المدرج تحت ما يسمى "ثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه"، ناهيك عن المادة 99 من القانون ذاته الذي يمنح الفاعل أحكاما مخففة في حال تم إسقاط الحق الشخصي.

يذكر أنه غالبا من يرتكب جريمة القتل بحجة "الحفاظ على الشرف" أو ما يوصف في أوساط قبلية بعملية "غسل العار"، هو الرجل في الأسرة نفسه أو أحد الأقرباء، حيث يقدم الجاني على القتل لأسباب تتعلق بارتكاب الفتاة فعلاً اعتبر مخلا بالأخلاق مثل الزنا أو العلاقات غير الشرعية، أو غيرها.



أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية ليث نصراوين، يقول إن مواد قانون العقوبات الأردني لا يحتوى على مصطلح "جريمة شرف"، بل يتعامل مع أي جريمة وقعت على حياة الإنسان، مؤكدا أن قانون الجرائم يتعامل مع الجرائم التي تقع على الأنثى كما تلك التي تقع على الذكر.

وأضاف أن جرائم الشرف بمفهموها الاجتماعي حدث عليها تعديل كبير وهام عام 2001، حيث كان يستفيد الجاني إذا تفاجأ بأحد محارمه أثناء ارتكاب جريمة الزنا من "العذر المحل"، لكن في التعديل تم إلغاؤه واستبداله بـ "العذر المخفف"، بمعنى أن الجاني لم يكن يعاقب إذا ما ارتكب جريمة قتل أحد محارمه، ولكن مع تعديل 2001 أصبح يعاقب لكن مع أسباب مخففة.

كما أشار إلى أن التعديل توسع بمفهوم القتل بداعي الشرف ليشمل الأنثى والرجل، حيث يثبت الحق للأنثى بالاستفادة من العذر المخفف، ضمن شروط محددة ومعينة إذا تفاجأت بزوجها في حالة تلبس بارتكاب الزنا وقامت بقتله.

وأضاف: "عام 2017 تعامل المشرع مع مصطلح "ثورة الغضب"، بحيث لا يستفيد منه أي شخص، خاصة إذا وقعت الجريمة على أنثى خارج نطاق المادة 340، ولم تعد تطبق إلا بحدود المادة 340"، أما الحالة المفاجئة، فيعرفها نصراوين بأنها حالة مباغتة يشعر فيها الجاني نتيجة مشاهدة فعل غير محق فيفقد تركيزه ووعيه وإدراكه ويقدم على جريمته.

وتطالب جمعيات تعنى بحقوق المرأة في الأردن، الجهات الحكومية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وصانعي القرار ورجال الدين ووجهاء العشائر، بتكثيف الجهود المبذولة لمنع ارتكاب جرائم "الشرف"، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب.

ولا توثق الاحصاءات الرسمية الأردنية عدد الجرائم التي ترتكب سنويا بدعوى الشرف، فيما تحصي منظمات حقوقية وناشطات في الدفاع عن حقوق الأردنيات، وقوع حوالى 20 جريمة سنويا تحت مسمى الدفاع عن الشرف.

يشار إلى أن عدد جرائم القتل الأسرية بحق النساء والفتيات بلغ خلال عام 2019 نحو 21 جريمة، بارتفاع نسبته 200% مقارنة مع عام 2018، حيث وقعت 7 جرائم قتل أسرية بحق النساء والفتيات، وفقا لما أعلنت عنه جمعية معهد تضامن النساء الأردنية "تضامن". يذكر أن "جرائم الشرف" نتاج نمط من العادات؛ تقوم التقاليد الاجتماعية على مبدأ الأخذ بالشبهة والخوف من كلام الناس والحرص على السمعة دون سند عقلاني بل تأخذ أحكامها على مبدأ الشك والظنون، فتهدر حياة الكثيرات وتصيب بالذعر أخريات لا يزلن على قيد الحياة.

من جهته، طالب معهد تضامن بالتصدي الرسمي لجرائم قتل النساء والفتيات، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، وذلك من خلال إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات، مع ضرورة عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة المعنفات للخروج من دور الإيواء.

وقال مدير المعهد منير ادعيبس إن عودة النساء والفتيات إلى أسرهنّ بعد توقيع تعهد من أي فرد من الأسرة أو أكثر بحمايتهن وعدم تعريضهن للعنف، "لن يجدي نفعا حتى لو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدنيا جدا"، داعيا للتوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر.