اهتماماتك

9 يونيو 2019

الدراما العربية وربط المرأة بالجنس.. انفلات مُمنهج يستهدف مكانتها!

عادة ما يتم قياس تطور المجتمعات بحجم الإبداع الذي هو من أهم وسائل التقدم الحضاري والرقي الثقافي للفرد وللمجتمع.

والإبداع في الواقع يتطلب توافر "الجرأة" التي هي ركنٌ من أركان الإبداع والفن والابتكار بهدف إثارة المُتلقي وجعله في حالة من التساؤل والقلق، فضلاً عن تحقيق المتعة.

وقد تكون الجرأة إيجابية، بمعنى جرأة في الطرح وفي المعالجة وفي اختيار الموضوع، وفي الرؤية الفنية والانتصار للقيم الإنسانية النبيلة، وقد تكون سلبية تتمثل في التمرّد على كل القيم الإنسانية والأخلاقية والثقافة والتقاليد.

ماذا عن الجرأة في الدراما العربية؟



المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات يسجل رأيه في الدراما العربية التي أصبحت تظهر كل يوم في شكل معين، بحيث أصبح من اللافت أن الإبداع والجرأة يمضيان في الاتجاه السلبي الذي لا يصبّ في صالح الأخلاق والإنسانية.

وبالقياس على ذلك، يقول العمارات: إن معظم الأفلام والأعمال الدرامية والأغاني والكليبات في أغلبها تخاطب الغرائز الجنسية، جراء استخدامها الجسد كنوع من الإغراء اللافت، بل إن الصناعة الفنية والإعلامية أخذت تُقصي كل فن يحمل رسالة وغاية إنسانية نبيلة، بحجة "أنه لا يحصد مشاهدة عالية".

شيوع "جنسنة" المرأة

إن شيوع فن "جنسنة المرأة" بات يحتل مساحة واسعة في الدراما العربية، والجنسية يفسرها العمارات على أنها نوع من الانفلات الممنهج، بحيث يكون دور المرأة في الأعمال الفنية دورًا يتخطى العمل الفني من خلال تطويعها جنسيًا لقبول العمل ليحصد نسبة من المشاهدة بشكل أكبر، ومن خلال هذه الأعمال يستدرجونها إلى التحول الجنسوي بشكل غير مباشر، وإيهامها من خلال أعمال معينة أنّ ما تقوم به لا يُخالف التقاليد أو الأسس الحياتية التي تتعلق بحياة الأنثى في المجتمعات العربية، كما يرى.

"جنسنة" بداعي الواقع وحرية التعبير



بقناعة العمارات، استطاعت الصناعة الفنية اليوم باسم الواقعية وحرية التعبير أن تفرض على الساحة الثقافية والفنية ممنوعات يُحرّم الاقتراب منها أو المساس بها، وهي مشاركة المرأة في أعمال فنية لا خطوط حمراء فيها، بداعي أن تلك الأدوار المُغرية التي تجسدها، إنما توضح حقيقة ما تتطلبه بعض الأماكن والأعمال من إغراء وتقديم تنازلات جنسية لتصبح في الصفوف الأولى من المجتمع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ليست ممنوعة في عرفهم وأعمالهم، إلى أن أصبحت هذه الفكرة واحدة من معايير نجاح المرأة في عملها وحياتها، لتصبح مقبولة عند الجميع، وبصورة أكبر عند أغلب الرجال.

وأضاف أن بعض الأعمال العربية أظهرت جنسنة المرأة بأشد أشكالها، مصوّرة العلاقة القائمة بين الرجل وشقيقة زوجته، أو الزوجة وشقيق زوجها، وكذلك دفع الزوجة لمعاشرة مدير العمل لتسيير شؤونها، أو علاقة الكبيرات في السن مع شباب أصغر منهنّ سنّاً أمرٌ طبيعي ومقبول ولا يضرّ طالما فيه رضا كافة الأطراف. لا سيما أن الأمر من منظور أصحاب الإنتاج الفني، قد يكون مُلحًا لتسويق منتجاتهم مهما كانت، وبأي وسيلة كانت.

ولم تتوقف الجرأة إلى هذا الحد، بل وصلت وبصورة لافتة جدًا، إلى انتشار ظاهرة الشتائم الجنسية المباشرة وغير المباشرة والألفاظ النابية والعبارات الصلفة التي تتفوّه بها الممثلات، بصورة دخيلة وغريبة على المتلقّي؛ ما دعا كثيرون إلى التهجم على تلك الأعمال ومقاطعتها خشية التأثير على أبنائهم وبناتهم سلبًا.

ولأن العلاقة بين الفن والأخلاق من المداخل المهمة لأي تحليل درامي؛ فالعلاقة هنا وثيقة متجذّرة لا يمكن فصلها ولا إنكارها، كما يقول العمارات، الذي تساءل عن السبب وراء التساهل في بثّ الكلمات النابية والألفاظ البذيئة التي بدأت تحتل جزءًا كبيرًا في الدراما، ناهيك عن غرقها في مستنقع الإباحية بشكل منتظم من خلال مشاهد من التحرش والإباحية المُفرطة، والعلاقات غير المشروعة والملابس الفاضحة استمرارًا على نهج الخروج عن تقاليد المجتمع، وإصرارًا على إحداث تغيير أخلاقي سيئ ينعكس سلبًا على المجتمع ومكوناته ونسيجه.

وعدّ العمارات هذه المشاهد والألفاظ الدخيلة على المجتمعات العربية غير مقبولة وخارجة عن القيم التي تربى عليها الأفراد، وبالنسبة للجميع هي خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها لأي سبب من الأسباب.