اهتماماتك

16 يوليو 2017

هل يمكن أن تتولد السعادة من رحم المعاناة؟

مع المحن تأتي المنح، وقد تتولد السعادة من رحم المعاناة، فيكون الألم أولى الخطوات في طريق السعادة الأبدية، وذلك لأن الإنسان بطبعه ينظر إلى الظواهر ويترك البواطن، فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد.

وهناك من القصص الحقيقية شواهد على هذا المعنى فهذا "ألدوس هكسلي" الذي اعترف بأن المتعة المفرطة قد تؤدي في الواقع إلى مجتمع بائس في روايته بريف نيو وورد العام 1932.

قد يبدو هذا الأمر غريبًا للكثيرين، فالجميع يحب أن يغرق في بحر المتع والملذات دون توقف، ويرى أن الترفع عنها هي من الأفكار المثالية التي لا أساس لها في الواقع.



نحتاج للألم لنشعر بالمتعة وأن نعيش في الظلام لننعم بالنور، وأن نذوق مرارة الأشياء لنستمتع بحلاوة مذاقها، فالحياة تنحصر بين النقيضين، وهو الأمر الذي يجعلها متغيرة متجددة فتكسر الملل وتمدنا بالخبرات الحقيقية.

وتشير كل الأدلة الحياتية إلى أن الألم يعزز من شعورنا بالمتعة والسعادة التي نختلسها من الحياة، كما أنه يجعلنا أناساً متفاعلين وأكثر ارتباطًا بمن حولنا.



الألم يبني المتعة ويقوي قواعدها، فضلاً عن أنه يخفف من مشاعر الحزن والإحباط، لأنه يحفز لدينا البحث عن الطرق التي تخفف من المعاناة، وبالتالي نكافئ أنفسنا بعد الانتهاء من تجربة قاسية مؤلمة تساعدنا على اكتساب خبرة التعامل مع الأزمات لنكون أكثر قوة في مواجهة الصراعات.

وهناك ميزة أخرى للألم وهو ربط أواصر التواصل مع مجتمعنا، خاصة عند الأزمات الوطنية لأبناء الوطن فنراهم مجتمعين على قلب رجل واحد يتباحثون فيما بينهم عن الحلول، كما أننا نتألم لألم الآخرين ونشعر بهم لدرجة تجعلنا نود مساعدتهم بكل ما أوتينا من قوة. وهناك جوانب متعددة للألم فلا يرتبط بالمرض أو الأذى فحسب، إنما يمكن أن يشعر المرء بمرارة الألم نتيجة مشكلة ما.



تعلمي أن الألم يمكن أن يقترن بالعواقب الإيجابية التي قد تساعدك في تخطي المحن وتحويلها لصالحك، ولا يمكنك الشعور بالسعادة من غير أن تذوقي مرارة الحزن، ولن تحسي بنشوة اللقاء دون أن تتجرعي قسوة الفراق، فتمهلي وابحثي في كل محنة عن المنحة وتذكري أنه القدر الذي لا مفر منه في النهاية.