اهتماماتك

19 ديسمبر 2016

"اغتصاب بروزربينا": كيف يتحول الفن إلى حقيقة..!

البشر مخلوقات عجيبة فعلاً، فهي قادرة على صنع المعجزات وإبهارنا بإنجازات تتخطى حدود الخيال وتقترب من المثالية!

يكفي أن ننظر إلى الأعمال الفنية لبعض الفنانين العالميين وخاصة النحاتين منهم الذين استطاعوا أن يجعلوا من منحوتاتهم، المصنوعة من مادة الرخام أو النحاس أو البرونز، أعمالاً تنبض بالحياة وتوثق لقصص إنسانية مليئة بالمشاعر القوية والمؤثرة.



"اغتصاب بروزربينا The Rape of Proserpina هي منحوتة فنية مشهورة أبدعها النحات الإيطالي جيان لورينزو برنيني عندما كان في الـ23 من عمره، أي في العام 1621. والمنحوتة المصنوعة من الرخام الإيطالي الفاخر، يبلغ طولها 295 سنتمترًا وهي معروضة حالياً في غاليريا بورغيز بمدينة روما الإيطالية.



ما يلفت الانتباه في هذه المنحوتة العجيبة هو مدى واقعيتها إذ إنها تصور مشهد بلوتو، وهو إله الأرض السفلية في الميثولوجيا الإغريقية القديمة، عندما كان يحاول اغتصاب فتاة في ريعان شبابها ليأخذها معه إلى العالم السفلي. وتنقل المنحوتة بدقة متناهية حركة الفتاة وهي تصرخ وتستنجد وتذرف الدموع، وهي تحاول الإفلات من قبضة بلوتو القوية بيديه اللتين انغرزتا في فخذها وكأنه لحم بشري وليس قطعة رخام!.



"لقد طوّعت الرخام وجعلته لينًا وكأنه مادة شمعية"، هكذا وصف الفنان الإيطالي عمله على المنحوتة، فقد أعطى لمادة الرخام الصلبة إحساسًا يشبه الإحساس البشري وأكثر من ذلك أثبت أنه لاشيء يمكن أن يقف في وجه الإنسان سوى إرادته.



يقال أن هناك تفسيرات أخرى مرتبطة بالمنحوتة، ومنها أن قصة المنحوتة هي مأخوذة من المقطوعة الشعرية التي ألفها البابا أربن الثامن والتي تتحدث عن فكرة أن الحياة قصيرة وأن الموت الحاذق يتهددنا بين لحظة وأخرى.



لكن مهما كانت الفكرة التي جعلت جيان النحات الشاب يبدع هذه القطعة ومهما كانت التفسيرات وراءها، فستظل واحدة من المنحوتات التاريخية الرائعة التي تعكس الإبداع الإنساني إلى جانب روائع تاريخية أخرى من أهمها منحوتة "حب" للنحات الإيطالي أنطونيو كانوفا والتي تصور مشهدًا رائعًا لانسجام حبيبين في حضن بعضهما البعض.