صحة ورشاقة

4 نوفمبر 2019

ديجا فو.. "وهم سبق الرؤية" ما أسبابُ حدوثه؟ و ما مردوده على جسمكِ؟

يعتبر مصطلح "وهم سبق الرؤية" أو "ديجا فو" (Déjà vu) مصطلحًا فرنسيًا يعني "شوهد من قبل"، وكان أوّل استخدام لهذا المصطلح عام 1876 من جانب إميل بويرك، وهو أستاذ فلسفة، سبق له أن وصف تجربته مع تلك الظاهرة في دراسة نُشرت بمجلة Revue Philosophique.

وأثارت تلك الظاهرة انبهار الأطباء النفسيين والأشخاص العاديين على حدّ سواء طوال عقود. وسبق أنْ وجدت دراسة أجريت عام 1991 بعنوان "تجربة ديجا فو: تذكر الأشياء الماضية" أنّ ما بين 30 إلى 96 % من الناس مرّوا بتجربة "وهم سبق الرؤية" في مرحلة ما من حياتهم.



إذن ما هي هذه الظاهرة بالتحديد؟

بداية يجب الإشارة إلى انقسام المجتمع العلمي نفسه حول أسباب حدوثها، مع وجود بعض الدراسات التي تدعم مجموعة من التفسيرات المختلفة. ونقدّم لك سيدتي فيما يلي حقيقة ما يحدث بالفعل، حين يمرّ أيّ منّا بتلك التجربة التي تستحقّ التّأمّل:

تجربة ديجا فو

قام دكتور فيرنون نيبي في كتاب نشره عام 1983 بعنوان "علم النفس الخاص بوهم سبق الرؤية" بإدراج 20 طريقة مختلفة يمكن أنْ تظهر بها تلك التجربة بوضوح، بما في ذلك تجارب "تم السماع عنه مسبقا"، "تمّ التفكير فيه مسبقا" و"تمّ سرده مسبقا". وانتهى نيبي بحلول عام 2009 من وضع 34 مصطلحًا يصف بهم الشّعور بتجربة ثمّة شيء من قبل، وأنّ 31 من تلك المصطلحات مازال يتمّ استخدامها إلى الآن.

الأشخاص مشتتو الذّهن يشعرون بوهم سبق الرؤية بشكل أكبر من غيرهم

وهي التجربة التي تبدو في كثير من الأحيان وكأنّها من نوعية الأحداث الخارقة للطبيعة. وقال ألان براون، الأستاذ بقسم علم النفس في جامعة ساوثرن ميثوديست، إنّكِ قد تتعرّضين لوهم سبق الرؤية وأنت تُولين نصف اهتمام بالعالم المحيط بكِ، مضيفا "ولأنّنا نمضي في العالم بطريقة آلية، فإنّنا نحتفظ في ذاكرتنا بكثير من المعلومات عن الأشياء المحيطة بنا على مستوى اللاوعي".

الأشخاص قد يمرّون بتلك التجربة أثناء مرورهم بنوبات قلق

خضع شاب يبلغ من العمر 23 عامًا في 2014 لدراسة أجراها دكتور كريستن ويلز، المحاضر في علم النفس بجامعة شيفلد هالام، بعدما تبين سابق إصابته بوهم سبق الرؤية قبلها بـ 3 أعوام، لكنّ تجربة هذا الشّاب مع حالة ديجا فو كانت صعبة للغاية، لدرجة أنّه توقّف عن مشاهدة التلفاز وقراءة المجلات؛ لأنه كان مقتنعًا بأنّه يعلم ما يُقدَّم من محتوى في التلفاز والمجلات بالفعل. وتبيّن من الدراسة أنّ الشّاب لديه تاريخ حافل مع نوبات القلق التي قادته لذلك.

وهم سبق الرؤية قد يكون ذكرى نسى الناس نصفها

وهو ما يتماشى مع تلك الحالة التي نشعر بها حين نسافر لمكان جديد، ويتولّد لدينا إحساس بأنّه قد سبق لنا زيارة ذلك المكان من قبل. وفسّر ألان براون ذلك بأنّ هذا الشّعور قد ينتج عن ذكرى حدثت بالفعل، لكنْ في سنّ مبكر للغاية. لذا يمكن تفسير شعور البعض بسابق زيارتهم مكان ما بأنّهم قد زاروه بالفعل وهم صغار جدًا.

وهم سبق الرؤية قد ينتج عن تأكّد العقل الباطن من أنّ الذكريات التي تراوده حقيقية مئة بالمئة

اكتشف أكيرا روبرت أوكونور، المحاضر البارز في علم النفس وعلم الأعصاب لدى جامعة سانت أندروز، في دراسة أجراها عام 2016، أنّ منطقة الدماغ التي تستخدم أثناء مرور الأشخاص بتجربة وهم سبق الرؤية، ترتبط في الواقع بعملية اتّخاذ القرار وليس بالذاكرة.

علماء وضعوا بعض النظريات التي حاولوا من خلالها تفسير سبب حدوث تلك الظاهرة

قالوا إنّها قد تحدث حين يتوقّف شيئان من المفترض أنْ يعملا سويًا في الدماغ عن العمل كما ينبغي بشكل مؤقّت. ونوّه الباحثون إلى أنّ فكرة الوعي المزدوج قائمة منذ أواخر القرن الـ 19، وتبيّن أنّ دماغنا يعمل في وقت واحد لمعالجة العالم الخارجيّ ومناجاتنا الداخلية.

وهم سبق الرؤية قد يكون عرضًا عصبيًا

أوضح باحثون أنّ تلك الحالة قد تحدث نتيجة تعطل دوائر مختلفة بالدماغ في الوقت الخطأ. ولفت أستاذ علم النفس، ألان براون، في السّياق نفسه، إلى أنّ تجربة وهم سبق الرؤية قد تحدث حين يعالج الدماغ بطريق الخطأ نفس المعلومات مرتين.

الأشخاص الذين يسافرون كثيرًا يكونون أكثر عرضة للمرور بتجربة "وهم سبق الرؤية" من غيرهم

وذلك لأنّ أدمغتهم تكون أكثر انفتاحًا على الأفكار والتصوّرات المختلفة عن العالم.

هناك بعض أنواع الأدوية التي قد تتسبّب في حدوث تلك الحالة

وهناك تقرير منشور في مجلة العلوم العصبية السريرية عام 2001 يؤكّد إصابة رجل سليم يبلغ من العمر 39 عامًا بحالة "ديجا فو" عنيفة بعد تناوله دواء أنفلونزا تسبّب في زيادة مستويات هرمون الدوبامين لديه. كما سبق أنْ وجدت دراسة أجريت عام 2007 أنّ هناك علاقة بين تكرار حالات الإصابة بوهم سبق الرؤية والأدوية المنتجة للسيروتونين مثل دواء 5-HTP.

يتوجّب عند شعور الأشخاص بتلك الحالة أنْ يزوروا الطبيب خصوصًا إنْ كان يعقب الحالة فقدان للوعي

وهو ما شدّد عليه دكتور باتريك شوفيل، طبيب الأعصاب لدى مركز الصّرع في كليفلاند كلينك، من منطلق أنّ حالات وهم سبق الرؤية تنتشر بين مرضى الصّرع ومرضى الخَرف.