سينما وتلفزيون

11 مايو 2020

لعنة كورونا تصيب البرنس محمد رمضان.. وفالنتينو عادل إمام

المسلسلات التلفزيونية التي ظننا أنها ستكون عونا لنا في تحمل آثار الحجر الصحي الذي سببه وباء الكورونا، أضافت بعدًا آخر لمعاناة الحبس المنزلي.

فالمسلسلات التي تشكل في العادة طقسًا عائليًا معروفًا خاصة في شهر رمضان المبارك تحولت الى ما يشبه العقاب، خاصة لأولئك الذين لا تستهويهم في العادة الأعمال الدرامية التلفيقية القائمة على صدفة غير معقولة، أو حبكة غير منطقية والمحشوة بحوار مباشر ركيك، وإيقاع ممل ساذج يضيف رتابة الى مسار أحداث العمل ويشوه مضمونه.

في هذا الإطار، تابعتُ على غير العادة عملين يفترض أنهما الأهم بين عشرات الأعمال الدرامية التي تزدحم بها الفضائيات العربية: الأول مسلسل البرنس الذي افترضت أن ممثلًا مبدعًا مثل النجم الشاب محمد رمضان الذائع الصيت والحاصل على شهادات تقدير فنية عالمية سيكون ضمانًا لجودة العمل.

أما العمل الثاني فهو فالنتينو الذي يقوم به نجم الكوميديا المخضرم والزعيم الأوحد كما يلقبه معجبوه "عادل إمام"، وكنت أمني النفس بابتسامة من تلك التي رسمها الزعيم على شفاهنا في مسرحياته الأيقونية أو أفلامه الأولى.

لكن صدمت في العملين اللذين بدا واضحًا أنهما لا يزالان قيد التنفيذ حتى بعد مرور الحلقة الخامسة عشرة، ويظهر ذلك بوضوح من أن الأحداث تأخذ مسارًا مناقضًا للتطور الطبيعي لمسار كل حلقة من المسلسل، وكان واضحًا أن القائمين على العملين أدركهما الزمن وخضعا لضغطه من ناحية للمط والتطويل غير المبرر فنيًا، ومن ناحية ثانية حتى يكتمل عدد الحلقات الثلاثين المتعاقد عليها.

بعد هذه الملاحظة الشكلية، نأتي على تفاصيل العملين من النواحي الفنية والحبكة الدرامية:

البرنس




منطلق المسلسل الذي كتبه وأنتجه وأخرجه المخرج الشاب محمد سامي، هو خلاف على إرث بين ورثة من زوجات ثلاث، وهو أمر معتاد في حياتنا العربية، وكان يمكن أن يكون الصراع بين الورثة مقبولًا لولا التلفيق غير المقنع في تحالفات الأشقاء وخلافاتهم، ورضوخ الأمهات لسطوة الأخ الأكبر أحمد زاهر، والذي قاد حملة ضد بطل العمل محمد رمضان بعد أن استأثر بالإرث بناء على وصية الوالد الراحل لابنه رضوان يتيم الأم، الذي ورث أيضًا عن أبيه مهنة دهان السيارات.

وباعتباره الأعقل بين إخوته، نقل الأب الراحل كل ثروته قبل مماته إليه مراهنًا على أن الابن العاقل سينصف إخوته ويقاسمهم الإرث بعد أن ينصلح حالهم.

ما حدث بعد ذلك مثير للغثيان بكل المقاييس. جريمة مروعة راح ضحيتها زوجة الابن الوارث وابنه، فيما نجا هو وابنةٍ آخرى له وليأخذ الصراع بين الأخوة شكلا آخر بمحاولات تصفية رضوان وقتل ابنته لتخلو لهم الساحة ويستعيدوا الإرث الذي حرموا منه.

وفي سبيل ذلك بدأت سلسلة من المؤامرات الملفقة غير منطقية، لم تسلم منها حتى أجهزة الدولة ولا دوائر القضاء، فأصدرت استنادًا إلى شهادات ضعيفة وتحريات غير دقيقة أحكامًا، واستمعت الى شهادات زور واضحة، والتي كان يمكن كشفها خاصة وأن المتورطين في الجريمة كثر وارتباطاتهم المشبوهة وسيرتهم تجعلهم صيدًا سهلًا لأي ضابط شرطة أو محقق عدل. لكن الحاجة إلى مط العمل وتطويله، ترك المسلسل عرضة لتحولات ومصادفات مفاجئة وغير منطقية في مواقف أبطال العمل وأدوارهم.

المسلسل اعتمد في معظم مشاهده على الخطابة الطويلة الفجة والمونولوج الداخلي الذي يعطي للممثلين فرصة الانفراد بالشاشة لتفسير الأحداث والمواقف وكأنهم حكواتية لا أكثر.

وهنا لا بد أن نشيد بطاقات التعبير الهائلة للمشاركين بالعمل، وخاصة اللواتي قمن بأدوار الأمهات ووجدن أنفسهن ضحايا الصراع بين الأبناء. لكن المخرج للأسف لم يجد في طاقات التعبير هذه إلا البكاء والدموع التي لم تترك أحدًا من إنهمارها المستمر طوال الحلقات حتى الفاسدين منهم.

المسلسل وقع في سقطات إخراجية لا يمكن أن يقع فيها حتى المخرج المبتدئ، فإلى جانب ابتسامة هوليوود التي زينت أفواه كافة الممثلين بشكل لا يتناسب مع واقع الحي الشعبي الذي يعيشون به، ولا مع طبيعة عملهم ولا نوعية الحياة التي تحيط بهم، جاء حافلًا بأخطاء إخراجية كثيرة أبرزها الاعتماد على الحوار الطويل الذي يستغرق أحيانًا مشاهد كاملة، لعل أكثرها فجاجة الخطابة ومشاهد النيابة التي أخذت معظم وقت حلقة من الحلقات، بل إن المخرج لم يتورع عن إعادتها في بداية الحلقة التالية.

وكما لو أن المحكمة مكان سداح مداح فتح المخرج المجال لكافة أبطال العمل والعاملين في المسلسل لحضور محاكمة رضوان بطل المسلسل واحتلال كافة مقاعد المحكمة، فكان غريبًا أن يكون بين الجالسين في القاعة الأمهات والجدات وجميع أفراد الأسرة والعمال وسكان الحي القريبين والبعيدين في مشهد لا يمكن أن تجد مثيلًا له في الواقع.

المخرج اعتمد على شخصية البطل الأوحد والشعبية التي اكتسبها محمد رمضان في أعمال سابقة له، فكان قادرا خلال المسلسل وبحركة واحدة على أن يصرع ثلة من خصومه دون أن يصاب بمكروه.

وللإنصاف، فإن بعض الممثلين نجحوا في الكشف عن طاقات تعبير كامنة ومن أبرزهم أحمد زاهر الذي سيكون قادرًا بعد الآن على تجسيد شخصيات أخرى غير تلك التي حصرته بها أعمال سابقة وتركته أسير الصف الثاني.

فالانتينو




أما مسلسل فالانتينو الذي جسد بطولته عادل إمام، فقد جاء مفككًا بشكل مريع وخاليًا من أي قضية، كما أنه فشل في أن ينتزع ابتسامة المتابعين. فالنجم عادل إمام الذي يفترض أن يكون قنبلة ضحك متحركة كان إيقاع حركته بطيئا ولم يكن أمامه من فرص التعبير الفكاهي إلا حركات وجهه المألوفة والتي أصبحت تثير الشفقة أكثر من الضحك، وتستدعي الحزن على زمن ينحسر عن صاحبة، فيما يصر المخرج رامي إمام وهو نجل البطل ومنتج المسلسل المشارك، على تحميل والده وزر عمل كوميدي لم يعد يقوى عليه ويستنزف البقية الباقية لا من قدرتة التمثيلية، بل البدنية أيضًا.

لم يكن في المسلسل ما يلفت الانتباه إلا النجمة داليا البحيري التي تقدم دورًا جديدًا لم يعتد الجمهور عليه وهو دور بنت البلد، وأعتقد أن هذا الدور قد يفجر طاقات لديها أفضل من تلك التي عرفناها بها.

المسلسل على العموم كان ضعيفًا نصًا وإخراجًا وتمثيلًا، حتى من ممثلين كبار اعتدنا على أعمال مميزة لهم، ويحملون تاريخًا كان من الأنسب لو حافظوا عليه، وامتنعوا عن السقوط في فخ الفرصة العابرة وتمسكوا بتاريخهم.