سينما وتلفزيون

6 مايو 2020

الدراما الرمضانية.. أصابها "فيروس" يستدعي علاجات وبدائل!

انقضت من الموسم الرمضاني 2020 للدراما العربية، فترة أسبوع كافية لإصدار تقييم موضوعي لها، وهو تقييم تفاوتت أوصافه لدى مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهدين والنقاد، لكنها اتفقت على أنها دون المستوى المعهود، أو كما وصفها المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات "زائفة بشحنة حيرة مضاعفة".

بمعنى أن الأحكام التقييمية السلبية التي صدرت بحق الموسم الدرامي لهذا العام، حتى الآن، ينبغي التعامل معها في حدود الظرف الاستثنائي المتوتر برعب جائحة كورونا، والذي يحتاج بالضرورة إلى شحنة ترويح عالية لم تكن مأخوذة بالاعتبار لدى كتاب الدراما أو منتجيها، لسوء حظ الجميع.

دراما 2020 ضعيفة ومختلفة عن سابقاتها

عن هذا الموضوع يقول الناقد الفني والسينمائي رسمي محاسنة لـ "فوشيا": ربما واحد من أسباب ضعف الدراما العربية بشكل عام، هو إنتاج أعمال خاصة في رمضان تحديدا، وإهمال باقي أشهر السنة، فأدى هذا التزاحم لإنتاج الكثير من الأعمال إلى اختلال مكونات معادلة الإنتاج، فقد كان "الكاتب والمخرج" أهم أركان هذه المعادلة، لكن أصبح "النجم" هو الذي يتحكم بجزء كبير من الإنتاج التلفزيوني، لأنه وباعتقاد المنتجين سيجذب بنجوميته الجمهور، بالإضافة إلى مسألة الإعلانات.

وهذا ما يؤيده به العمارات أيضا بالقول: "كان واضحا حتى الآن أن المشاهد العربي انتظر أعمالا درامية تلبي طموحه وتجعله يتابع كل عمل بشكل هادئ، حتى يستشف ما فيه من إيجابيات اجتماعية أو فكرية ثقافية، أو ترفيهية، لكن فترة الانتظار طالت وهو ما جعل المشاهد الخاضع للعزل الاجتماعي يبحث عن بدائل أخرى ربما غير عربية".

وفي قراءته الاجتماعية المتخصصة للموسم الدرامي الحالي يخلص العمارات إلى أن حجم التراجع الذي حصل هذه السنة لم يكن مسبوقاً. وهو ما دفع المشاهد نحو منعطف كبير في المزاج لم يتردد في تضخيم الأخطاء وفي إصدار أحكام بالفشل، توجب على المنتجين والفنانين أن يأخذوها بجدية كاملة؛ لأن الاستخفاف بها يهدد مستقبل صناعة الدراما العربية.

دراما جاءت مفاجِئة للجميع



دراما 2020 مفاجئة تماما للجميع، كما يرى المحاسنة، ويردّها بالمقابل لأسباب منها جائحة الكورونا التي لم تسمح باستكمال تصوير أعمال تم البدء بها، إلا أن الأهم بنظره، هو طروحات بعض الأعمال الملتبسة، والخلافية، والتي أثارت ردود فعل عنيفة على مضامينها، وعلى خلفيتها، وكان هناك تراشق بين فريق مؤيد ومعارض، وهو ما انعكس على الجمهور الذي أصبح مرتبكا أمام طروحات تحاول خدش الثوابت والقضايا القومية التي لا يسمح الوجدان الجمعي العربي بالعبث بها، أو التشكيك بشرعيتها.

والغريب أنه ورغم قلة الأعمال المعروضة على الشاشات العربية، مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن المشاهد العربي وجد نفسه في حيرة، ولكن الأغلبية اتجهت نحو الأعمال الوطنية، وباعتقاد المحاسنة، أن مسلسل"حارس القدس" كان له النصيب الأكبر من مشاهدة الجمهور العربي.

أما الدكتور العمارات فيعود ويستخدم "غربال الزيف" في وصفه للتقييمات الحادة التي يتراشق بها نشطاء السوشيال ميديا، وأحيانا النقاد، في توصيفاتهم للأعمال الدرامية الخلافية، أو في مدى ملاءمة الصورة التي يعود فيها الفنانون الكبار إلى المشهد بعد غياب طويل هددهم بالاختفاء. وهذا ما حصل فعلا مع نجوم من سوية عادل أمام أو نجمات رجعنَ هذه السنة بشكل جماعي ملفت للنظر، ويقرع الجرس لاستعجال إصدار أحكام ثقيلة عليهنّ، سواء بأحكام الفشل أو النجاح.

دراما ربحية متراجِعة

لدخول سوق الإنتاج الدرامي، أشخاص وشركات، ليس لديهم الوعي ولا الثقافة، يديرون العملية الإنتاجية بعقلية التاجر الذي لا يفكر إلا بالمردود المادي، دون اعتبار لمسؤولية الدراما التلفزيونية، في تشكيل الوجدان للمتلقي إلى جانب الترفيه الراقي، كان من الطبيعي أن يكون هذا التراجع على مستوى الشكل الفني، وعلى مستوى المضامين التي تطرحها، بحسب الناقد المحاسنة.

وهو ما أدى، كما يرى، إلى هذا الهبوط في المسلسل التلفزيوني العربي، إلى جانب رداءة المضامين، لذلك أصبحوا يتجرؤون بتضمين الحلقات شحنة عالية من المفردات البذيئة، والتصوير بأجواء لم تكن مألوفة من قبل.

"كان من الأجدر أن تُقدم المشاكل الاجتماعية والظواهر بقالب درامي يأسر المشاهدين ويجبرهم على التفاعل معه، ويدفع ذوي الاختصاص إلى البحث والتعاون من أجل علاج تلك الظواهر، لكن جاء ذلك في هذا الموسم دون المأمول" كما يقول العمارات.

وعن سؤال: "ما إذا دخل فيروس كورونا رئة التنفس في جسم الدراما العربية، لهذه السنة"، يجيب المحاسنة قائلاً: "كان يمكن أن يكون هناك ألق كبير للدراما العربية؛ لأن الناس هذه الفترة محجورون في بيوتهم، وكانت هذه فرصة لاستعادة الدراما شعبيتها وجماهيريتها. لكن للأسف، تراكمات السنوات الماضية ومفاجآت مسلسلات 2020 ساعدت على زيادة الهوّة ما بين الجمهور العربي والدراما العربية".

أما العمارات فيقول: "أخشى أن يكون ذلك صحيحا، وأن نتائج فحوص الأسبوع الأول كانت حتى الآن "إيجابية"؛ ما يستدعي البحث الحثيث عن علاجات تُخرج الدراما العربية من غرفة الإنعاش".