لعل واحدة من أكثر العقبات التي تواجه أي زوجين سواء في بداية الزواج أو بعد الإنجاب والانخراط أكثر في المسؤوليات والمهام المنزلية، العملية والمجتمعية هي فكرة تقسيم المهام مناصفة بينهما وفق قاعدة الـ 50 – 50، أي تقبل كليهما تحمل المسؤوليات بنفس القدر والمقدار.
غير أن ذلك لا يحظى بأساس أو صدى إيجابي على أرض الواقع، بل على العكس، قد يكون هذا الفكر سببًا دائمًا للخلافات والمشاكل، نتيجة لصعوبة التزام الطرفين بقاعدة الـ 50-50 المزعومة.
ورغم الجهود التي يبذلها الأزواج بشتى السبل من أجل الاشتراك في تحمل المسؤوليات مناصفة، فإن الأمور لا تسير وفق أهوائهما، ويصطدمان في الغالب بواقع تحكمه كثير من المتغيرات التي يكون لها تأثيرها السلبي غير المباشر على طبيعة وايقاع الحياة الزوجية والأسرية.
وفكرة أنه لا يوجد ما يعرف بالتوازن بين الحياة العملية والحياة الشخصية هو شيء ليس بالجديد، وذلك لأنه يكاد يكون من المستحيل على الزوجين أن يركزا على أهدافهما المهنية والشخصية، وصداقتهما، واعتنائهما بأنفسهما وغير ذلك من أمور بنفس القدر من الاهتمام، بل سيكون لزامًا على أحدهما أن يضحي أكثر من الطرف الآخر، وهو ما يثقله أكثر بالضغوط.
وقد تحدث مؤخرًا الباحثان والزوجان، أندريه وجيف شينابرغر، في كتابهما الجديد "الحب أو العمل"، عن فكرة "المواسم" التي ترتبط بأي زوجين يتطلعان بشغف لمطاردة أهدافهما وأحلامهما.
وتابعا بقولهما "لا بدَّ أن تُطبّق فكرة المواسم في أي علاقة مرهونة بتحمل المسؤوليات والالتزامات بحيث تُمنَح الأولوية لأحدهما على حساب الآخر في سبيل ملاحقة أحلامه ومحاولة تحقيقها".
وأضافا "والحقيقة أن منح الأولوية هنا لأحد الزوجين على حساب الآخر ليس لمجمل الزواج بل لفترة أو لمدة موسمية. ولابد أن يكون هناك نقاش مستمرا بهذا الخصوص، وأن يتم تجنب التوقعات المجتمعية والحديث عن أدوار الجنسين، بحيث تسير الأمور بصورة سلسة لتحقيق المطلوب".
وواصل الباحثان بتأكيدهما أن تجربة هذا النهج هي مسألة ستصنع الفارق لضمان إحداث توازن بين الحياة الزوجية والحياة العملية، تلك الغاية التي ينشدها كثير من الأزواج، مع العلم أن المسألة ستتطلب قدرًا من التفاهم والتناغم على صعيد النقاشات لضمان سير الأمور على ما يرام.
والشيء الأهم، وفق ما أكده الباحثان، هو ضرورة تقييم التطورات الحاصلة من وقت لآخر، لضمان توزيع المواسم على الزوجين بعدل وإنصاف، ومن ثم التسهيل عليهما ليصلا إلى ما يتمنياه.