تساهمُ الغربة بتشكُّل ظروف حياة جديدة ومواقف لم تمري بها سابقًا مع الابتعاد عن الأهل والأحبة، وهنا تتحمّل الأم المسؤولية الكاملة عن أطفالها ويتطلّب منها ذلك قوةً وجلدًا ومثابرةً.
وقد تكون الغربة مفتاحًا لا يُستهان به للنجاح بعد تجاوز مرحلة التأقلم والانفتاح على المجتمع المحيط، وتوظيف كل ذلك لتربية الأبناء بطريقة مُستقلة عن تأثير الآخرين.
وحول ذلك تُوضّح الاختصاصية التربوية الدكتورة أمل بورشك، كيف يمكنكِ عزيزتي الأم الاهتمام بتنشئة أطفالك في "الغربة" بالبلاد الأجنبية:
إنّ الغربة جزء من حياة كثير من الأسر لأسباب اقتصادية أو اجتماعية ولها إيجابياتها وسلبياتها وهي عبارة عن تحدٍّ يحتاج من الأم القوة والصبر والتحمل لمساعدة الأطفال على التأقلم معها وهي ليست سهلة، ولكن ليس من المستحيل التعامل معها من خلال:
عليك تقبُّل الواقع والتوقف عن التفكير في الماضي، مع الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية لك وللعائلة وتمكين الذات بمواجهة ما ترينه سلبيًا في الغربة، فهذه فرصة تمنحكم جميعًا تجربة جديدة تُطوّر من خبراتكم ومهاراتكم.
مواجهةُ مرحلة التأقلم بذكاء من حيث التعرُّف على مكان الإقامة، وتشكيل صداقات داعمة ولكن بحذر، للخروج من الشعور بضيق الغربة.
التخطيطُ اليومي لحياة طفلك الروتينية مثل الحفاظ على وجباته ومراعاة ميوله والحرص على الجلوس معه والحوار الإيجابي والتنزه معه.
استكشافُ الأماكن الجديدة مثل المتنزهات والمكتبة والمراكز الطبية والتسوق وأماكن العبادة والأماكن الأثرية يُساهم في خلق ألفة مع المكان الجديد.
عدمُ التهرّب من مواجهة أي مشكلة يتعرّض لها الطفل بل مناقشتها ومحاولة الجلوس معه في مكان هادىء أو السير لاستنشاق الهواء النقي وجعله يُعبّر عن نفسه وما يشعر به وتنمية مواهبه وإشغال وقته بما هو نافع ومفيد.
عمل زاوية خاصة لذكريات طفلك تحتوي على مقتنياته الخاصة وتظهر صور الأوقات الجميلة التي يقضيها في الغربة وأثرها الإيجابي عليه، ودَعيه يُرتبها كما يريد وليس كما تريدين فهذه زاوية للتعبير عن ذاته وبحريته الخاصة.
استثمارُ وقتكما بقراءة القصص والكتابة والمحادثة باللغة الأم يخفف عنه الغربة ليُعبّر عن مشاعره، وعدم التململ أمامه والتذمر بالشكوى المستمرة مع توظيف الأناشيد والأغاني لإدخال السرور على قلبه.
إنّ تعلُّم لغة ثانية هو هدية رائعة لها فوائد في الجانب الإدراكي والجماعي، بالإضافة إلى المنافع في المجالين الاقتصادي والاجتماعي مستقبلًا والطفل لديه القدرة وبيسر على تطوير ذاته لاكتساب مهارات النطق من خلال التقليد والمحاكاة.
تذكّري أن إتقان الطفل للغته الأم يُعزّز من إحساسه بذاته ويُحافظ على هويته وانتمائه لمجتمعه وثقافة بلده، واللغة الأجنبية سيتعلمها الطفل أثناء دراسته واحتكاكه بالمجتمع.
إنّ تعليم اللغات الأجنبية للطفل يفيد في تنمية الإدراك والإبداع الفكري ولا يشكل خطورة على تشكيل مهارات اللغة الأم لديه والقدرات الابتكارية الخاصة باستعمالها تفكيرًا ولفظًا و كتابةً.
التواصلُ وتنظيمُ وقت الطفل يوفّر مساحة تمكنه من تنمية ثقافة الحوار والنقاش الإيجابي وينمي رغبة حب الاستطلاع والتحدث عن تجربته الخاصة مع الآخرين والتغييرات الجوهرية التي يمر بها في حياته.
انتقاءُ الأقران وزيارة الأصدقاء تدعم الطفل معنويًا وتُنمّي لديه مهارات الاتصال وتقلل من ألم الفراق والفقدان لأن قلة رؤية الناس من حوله يفقده النمو الاجتماعي السليم.
الاجتماعُ العائلي بكل أشكاله والاطلاع على القوانين في الغربة ليعوا أنهم في بيئة مغايرة لهم أيضًا، حتى لا يقوموا بسلوك يتعارض مع القوانين.
توظيفُ الإنترنت يُسهّل كثيرًا في التواصل مع الأصدقاء القدامى وتكوين صداقات جديدة تمر بنفس التجربة.
تجاوزي الاختلافات الموجودة في البيئة الجديدة بالبحث عن مصادر المعرفة كالمكتبة للتأقلم مع المستجدات.
غرسُ الأخلاق الحميدة في نفس الطفل، وهذا يتطلّب جهدًا لا يُستهان به من العائلة.
زيارةُ البلدان الأصيلة باستمرار والتواصل مع الأقارب والحفاظ على قيم الأطفال النبيلة.