ملاحظة هنا وأخرى هناك، لكنها في مجملها لم تقلل من الحماس والتفاؤل الذي رافق فتح أبواب الترخيص للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وترك حرية القرار والاختيار لها.
وأظهرت الأيام القليلة التي أعقبت هذه "الخطوة التاريخية" حسب إجماع الصحافة الدولية والإقليمية، بأن المرأة السعودية قادرة على استثمار الفرص الواسعة التي تنفتح أمامها، وأن لديها الكفاءة بإضفاء قيمة اجتماعية واقتصادية كبيرة لأي خطوة أو مسؤولية تنموية جديدة تناط بها، وهذا ما تنطق به شهادات ميدانية سجّلتها "فوشيا".
حسن علي البطران
يقول الكاتب السعودي حسن علي البطران، إن هذه الخطوة جريئة وجميلة وإن جاءت متأخرة، بالتزامن مع مسيرة المملكة نحو التطور والتوسع في شتى مجالاتها، ومواكبتها للتقدم في مختلف المجالات التي تنهض بها كما في "رؤية 2030".
قيادة المرأة للسيارة هي أكثر من مجرد تشغيل لهذه الماكنة وسياقتها؛ فهي نمط حياة ومسؤولية متعددة الجوانب، ولذلك أخذ القرار ما يستحقه من الدراسة والاستعداد، كونه يعظّم مسؤولية المرأة وهي تصل إلى منافسة الرجل في المناصب العليا وفي مجالات الدولة المتعددة.
هذه خطوة إيجابية تخدم المجتمع والمرأة السعودية، وستثبت رؤية 2030 أن قيادة المرأة للسيارة استحقاق تنموي يضيء على مسيرة اجتماعية مرصودة للخير.
الدكتور أحمد عسيري
بدوره، يوضح أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد عسيري أن المجتمع السعودي عانى لفترة من الزمن من رهبة ارتياد والاعتياد على الأشياء الجديدة، وذلك من منطلقات اجتماعية وخلفيات جندريّة كانت ترتاب من المستحدثات، وتهوّل من ردود أفعال ائتلافها.
وبرأيه، فإن قيادة المرأة السعودية للسيارة منجز طال انتظاره، رغم العوائق الاجتماعية، ووجود من يخشى تبعات ومضاعفات هذا القرار.
ويستحضر عسيري أن المرأة السعودية برعت في حقول كثيرة، وأكدت ضرورة قبولها وقبول ما ينصفها، لكونها شريكاً متكافئاً مع الرجل، ولا تندرج تحت الفئات التابِعة، ولن يطول الوقت حتى تصبح قيادتها للسيارة ليست قضية مستنكَرة بل قضية بديهية.
الدكتورة سحر كامل رجب
المستشار النفسي والأسري دكتورة سحر رجب تؤمن وتثق بأن المرأة السعودية لها القدرة على كل شيء، وتستطيع تحمُّل أعباء أكثر وأكثر، فمن دخلت مجالات الطب والهندسة والطيران تستطيع أن تجعل قيادتها للسيارة ميزة اجتماعية.
خلال حديثها لـ "فوشيا" لم تُخفِ الدكتورة سحر إشفاقها على المرأة التي تقود السيارة نتيجة زيادة ومضاعفة أعبائها، وما ستلقيه من مسؤولية على كاهلها من طرف زوجها، أو رب أسرتها، فضلاً عن معاناتها في حمل الأولاد وشراء مستلزمات المنزل وغير ذلك، إلا أنها في النهاية لا بد وأن تكون قدوة وجديرة للاحتذاء بها، كما تقول.
ولم تنسَ المستشارة الأسرية أن تدعو المرأة إلى تجنب الإفراط في الخروج من المنزل، وترشّده حسب حاجتها الملحّة للخروج، مع ضرورة مناقشة كل أمورها مع زوجها لتعدل الكفّة بينهما في كيفية مساندتها والتعاون معها.
أمة الله باحاذق
مدربة رياضة "تاي تشي" أمة الله باحاذق، كانت متوهّجة الحماس لهذا القرار، نظراً لعدم وجود نظام المواصلات كالباصات أو سيارات الأجرة التي تسهل عليها حركة التنقُّل وبأسعار رمزية، بالتزامن مع عدم استساغتها فكرة وجود سائق للعائلة يضيّق عليها الخناق، كما قالت.
على الجانب الشخصي عارضت باحاذق قبول قيادتها السيارة، بينما سعِدت وأيدتها للمرأة السعودية طالما أنه ليس إجبارياً، فمن الناحية الاقتصادية المرأة هي الأقدر على الحفاظ على سيارتها عوضاً عن السائق المُكلف في أجرته، وترشيد استهلاك البنزين في قضاء الحاجات الضرورية.
إلا أن من أكثر ما أزعجها المواقف التي خصصتها المولات لسيارات السيدات فقط، فهذا الأمر لم يحصل على مستوى العالم، ما يؤكد أن المجتمع السعودي بدأ يدخل بالعنصرية بطريقة مختلفة، وهذا ما لم تستسغه أبداً.
وعن جاهزية المرأة السعودية لقيادة السيارة في المملكة، فقد أسعد باحاذق وجود انضباط صارم وقوانين ضد التحرش تحمي المرأة أثناء قيادتها وتشدد على عدم إيذائها بأي حال من الأحوال.
مريم الزهراني
عضو الجمعية العمومية بنادي مكة الأدبي الثقافي، مريم الزهراني ، تستذكر أن المرأة السعودية قادت السيارة قبل أكثر من أربعين عاماً، لقضاء حاجاتها الضرورية الملحّة في نقل الحطب والماء وعدّة الزراعة في القرى والهجن، ولم تكن قضية إعلامية واجتماعية كما اليوم، وهذا هو الفرق.
وتضيف الزهراني أن قيادة السيارة قرار واضح وعام لجميع نساء المملكة، فلا بأس أن تقودها بكل فخر، فهي محل ثقة. وعن نفسها، فضّلت الزهراني أن لا تضطر لقيادتها إلا إذا دعت الحاجة لذلك لكونها ليست من ضروريات الحياة.
وقالت: "قبل صدور القرار كانت حياة المرأة مستمرة، وبرعت في عدة مجالات، ثم جاء هذا القرار ليؤكد قدرتها على القيادة واتباع قوانينها، ولتكون جاهزة وقت الحاجة الماسة لقيادة السيارة".
وتُكرر الزهراني قناعتها أن ميزة القرار في أنه يمنح المرأة حرية الاختيار؛ فمن أرادت ممارسة القيادة، لها ما أرادت، ومن لا ترغب بذلك فهي صاحبة قرارها.