يتفق ذوو الاختصاص في علم النفس الاجتماعي على أن واحدة من أثقل أنواع المعاناة الإنسانية، هي تلك التي يعيشها أهلنا من أصحاب الأمراض المزمنة، الأم أو الأب أو الزوج، ممن يفضلون أن تكون معاناتهم بصمت، بحيث لا يريدون زيادة الوطأة على من حولهم.
وتكون المعاناة أشد في حالات الصعود والهبوط بدرجات الألم، كما يحصل مع النساء في دورات أوجاع العظام وغيرها من الأمراض التي تتصل بالنوع الانساني.
في معالجته لهذه القضية استأنس موقع علم النفس اليوم "سايكولوجي توداي" برأي الدكتورة جينيفر أل مورفي والدكتورة سامانثا رافي مؤلفتي كتاب "إدارة الألم المزمن واستراتيجيات العلاج المتكامل"، وكان رأيهما القاطع بدعوة النساء اللواتي يعانين من هذه الأمراض أن لا يترددن في الحديث عن أوجاعهن، وإشراك القريبين بهذا الأمر دون أن يخشين أي إساءة محتملة للفهم.
بدأ الحديث بالقول إن الأشخاص الذين يعانون من الألم، وأنتِ منهم، قد يشعرون بأنهم كثيرا ما حاولوا التحدث عن التجربة دون أن يعيرهم الآخرون أي اهتمام، وهذا ما يصيبهم بالإحباط.
وفي بعض الأحيان يترددون في مشاركة الحقيقة من منطلق رغبتهم في حماية العائلة والأصدقاء من القلق.
تقول الخبيرتان في إدارة الألم المزمن أنه مهم جدا وصف ما تشعرين به بدقة، وخاصة عند الحديث مع الطبيب. عليكِ أن تكوني دقيقة بما فيه الكفاية مع بعض التفاصيل حيثما أمكن، بالقول على سبيل المثال إن الألم كان يبدأ مباشرة عند الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية عدة مرات في الأسبوع أو حين التجول في المنزل لكن في الآونة الأخيرة أصبح هناك صعوبة في الوقوف أو الجلوس؛ ما أدى إلى التوقف عن الرياضة بشكل نهائي.
وتضيف التوصيات أنه بالإضافة لدقتك في توصيف ما تشعرين به، لا بأس من التوسع في عرض ما تحتاجينه.
أما مع أحبابكِ فمن المفضل أن تخبريهم بما تشعرين أنه سيكون مفيدا ً لك مثل القول إن التركيز على الألم يزيد من حدته، وأنك توصلت للحل الذي يمكنك من التحكم وهو القيام ببعض الأنشطة المنتظمة التي تحول تفكيرك الى أمور أكثر متعة.
كما نصحتا بوصف التفضيلات مع الأهل والقريبين مثل الذهاب إلى الحديقة وضرورة أحذ استراحة من المشي لبضع دقائق كل فترة، كون هذا سيوسع دائرة التعاطف.
كوني دقيقة في وصف ما تعانينه ولا تترددي في التعبير عما تريدينه من مساعدة، فهذا سيساعد كثيرا، ويمنحهم الرضا عن أنفسهم، كما تقول تجربة ذوي الاختصاص.
وفي حال أن تكوني أنت المطلوب منكِ الاستماع لأهل عائلتكِ ومحبيك من ذوي الأمراض المزمنة، فإن النصيحة الأولى والأهم هي أن تبادري أنتِ بعرض المساعدة العملية. بدلاً من السؤال عما يمكنك فعله للمساعدة، قدمي شيئًا محددًا مثل "أنا ذاهب إلى المتجر غدًا ، ما الذي يمكنني إحضاره لكم معي؟ أو "أنا آخذة أطفالي لتناول العشاء وأود أن ينضم إليهم أطفالكم".
ويضيف التقرير بأن تكوني مثابرة معهم، فليس من غير المألوف بالنسبة لأولئك الذين يعانون من آلام مزمنة إلغاء الخطط أو ببساطة رفض الدعوات بسبب ما يشعرون به، فلا تستسلمي لاعتذاراتهم التي قد تكون مجاملة.
لكن غاية ما ذهبت إليه النصائح لكِ إن كنت أنت المستمعة لشكوى الأهل والقريبين من ذوي الأوجاع المزمنة هو أن تقللي من النصائح. فأنت قد لا تعرفين بالضبط ما يمرون به، والإفراط في تقديمكِ الاقتراحات والنصائح أو الأفكار السخيفة غالبًا ما يكون أكثر إثارة للانقسام. بدلا من أن تقولي لأبيكِ أو أمكِ أو زوجكِ "يجب أن تخرج" أو "ليس لدينا ما نفعله لكم أكثر من الذي فعلناه"، حاولي أن تسأليهم عن رأيهم بقول "ما الذي تعتقدون أنه سيكون مفيدًا الآن؟" أو "ما هي التوصيات التي سمعتموها من أطبائكم؟".
ويخلص التقرير إلى القول: "ما عليكِ إلا أن تُشعريهم أنكِ موجودة إلى جانبهم. إن لم يكن لديكِ ما تقولينه أو تفعلينه لهم فليس أفضل من أن تبذلي جهدا للبحث عن قناة تلفزيونية تعرض فيلما او برنامجا يستهويهم".