غسان مسعود.. أيقونة نجاح مقابلة مع السيد آدم ومشهد دفن ابنته هو الأقوى
غسان مسعود.. أيقونة نجاح مقابلة مع السيد آدم ومشهد دفن ابنته هو الأقوىغسان مسعود.. أيقونة نجاح مقابلة مع السيد آدم ومشهد دفن ابنته هو الأقوى

غسان مسعود.. أيقونة نجاح مقابلة مع السيد آدم ومشهد دفن ابنته هو الأقوى

رغم الانتقادات التي طالت الأعمال الدرامية السورية لهذا الموسم إلا أنّ مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" بنجومه البارزين استطاع قلب المعادلة ليكون استثناء من ناجية إجماع الأكثرية من المتابعين ومن الفنانين على نجاحه في استقطاب الجمهور منذ الحلقات الأولى حتى الحلقة الـ20 من العمل.

فالعمل بوليسي بحبكة قوية وتسلسل منطقي للأحداث، بعيدا عن التكرار الذي ساد في الفترات الأخيرة، والذي أبعد الدراما عن المتلقي، غير أن الأبرز في المسلسل كان نجمه الأول غسان مسعود الذي يؤدي شخصية "الدكتور آدم عبد الحق" بحرفية رجل المسرح الذي عرف كيف يسرق ضوء الكاميرا في السينما والتلفزيون.

فـ"آدم عبد الحق" الطبيب الشرعي المتمرس وصاحب الخبرة الكبيرة والرأي الذي لا يخيب، يقف وجها لوجه أمام فاجعة اختطاف ابنته المريضة بمتلازمة داون، ويضطر إلى تنفيذ طلبات الخاطفين لاسترجاعها وهو ما لايشبه مبادئه خاصة عند اضطراره لتغيير التقرير الذي أصدره للضحية التي يدور حول موتها محور الأحداث ليكون للمرة الأولى غير متأكد من تقرير، وليضطر للاعتذار بأنه كان مخطئا بهدف استرجاع ابنته الصغيرة.

غير أن صدمة وفاتها بعد عودتها إليه تحوّل الطبيب إلى قاتل، وهو التناقض الجميل الذي نراه في الشخصية نفسها، وخلال مايعترضه من مواقف بين الإنسانية والقتل، وبين القانون الذي يدافع عنه وانتقامه لابنته.

فالأستاذ الجامعي الرصين، والطبيب الهادئ المساعد في اكتشاف الجرائم، يصبح العنصر الأول من الجريمة، وبذلك ننتقل معه من ابتسامة الأب لابنته، وعطفه عليها، إلى ابتسامة المكر في القاتل وإلى عدم الرحمة والتهاون مع مسببي وفاتها.

ولعل أكثر ما يظهر حرفية غسان مسعود مشهد دفن "حياة" ابنته وبكاؤه عليها، وحزنه الكبير لدرجة يتماهى فيها مع الشخصية، ويذوب كيانه في تفاصيلها، فلا تكاد تصدّق أنك أمام مشهد تمثيلي، بل وكأنه حقيقي وواقع، وهو المشهد الذي أثر كثيراً في متابعي العمل وجرى تداوله كثيراً والحديث عنه عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

ولطالما كان المسرح المدرسة الأساسية التي تأسست فيها مدرسة الأداء التمثيلي السوري، وتاريخ المسرح السوري يحفظ اسم غسان مسعود في صدارة المؤثرين فيه ليس كممثل ومخرج فقط، وإنما بوصفه أستاذاً في المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تتلمذ على يديه نخبة نجوم الدراما السورية اليوم وفي مقدمتهم نجوم الصف الأول، وبالتالي كان من الطبيعي أن تظهر حرفية الأستاذ وهو يؤدي شخصية الأستاذ الجامعي، والطّبيب الشّرعي، بأداء عميق للشخصية وفهم لدوافعها وردود أفعالها، وبناء خطته لتجسيدها بما يتناسب مع طبيعتها. فلا تكلّف بالأداء ولا تجسيد يثقل على الشخصية، ولذك فوقوف "آدم عبد الحق" أمام طلبته، والشرح الذي يقدّمه، إنما هو أساسي في بناء هذا الفنّان.

وكعادته يقبض غسان مسعود على مفاتيح كل شخصية يؤدّيها، يعرف أستاذ التمثيل سرّ الطاقة في شخصياته والتوحد معها، وضبط انفعالاتها وإيصاله إلى المشاهدين وبالتالي تحقيق أعلى استجابة عاطفية مع هذه الشخصية، على النحو الذي شهدناه في المشهد الذي يبكي فيه وفاة ابنته، وفي تقاسيم وجهه ودموع عينيه التي تحدّثت أكثر من كلامه.

وأيضا في المشاهد التي تجمعه بابنه "يوسف" الذي يؤدي دوره الفنان لجين اسماعيل، وإخفاء انفعالاته أمامه، وأمام شكّه به وبتورطه في قضية سرقة تقرير الطب الشرعي وخطف حياة.

لعل شهرة غسان مسعود المسرحية، وروعة ما حققه في المسرح السوري والعربي طغت لفترة طويلة على حضوره في الشاشتين الكبيرة والصغيرة، إلا أنّ عمله التمثيلي في السنوات الأخيرة أحدث نقطة تحول في مسيرته الفنية، إذ خاض تجربته العالمية في فيلم "مملكة السماء" مع المخرج ريدلي سكوت (2005) وفيه أدى دور صلاح الدين الأيوبي، وهي التجربة التي كانت فرصة حقيقية ليتعرّف الناس على حرفية الأداء وعمق التجسيد التمثيلي الذي يتميز به غسان مسعود بعيداً عن طغيان سيرته المسرحية المتميزة.

وكما كان الجميع يذهب الى المسرح ليشاهد عملاً لغسان مسعود بكل ثقة، بات الجميع يطمئن للعمل التلفزيوني الذي يشارك فيه الرجل، أما هو فقد اعتاد بإخلاص عشاق المسرح، ألا يخذل جمهوره، وهاهو في مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" الذي يعرض حالياً على الشاشات السورية وتلفزيون أبو ظبي، يؤكد نظرية أنّ التمثيل حالة حب، بمقدار ما يخلص لها الممثل بمقدار ما يحبه الناس.

Related Stories

No stories found.
logo
فوشيا
www.foochia.com